للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك ويُسْتَيْقَنَ (١). قال: فقلتُ: فإن لم يَكُن إمامٌ، أترَى أن يُصلَّى وراء من جمَّعَ بالنّاسِ، وصلَّى ركعتينِ؟ فقال: أليسَ قد صلَّى عليُّ بن أبي طالبٍ بالنّاسِ وعُثمانُ محصُورٌ (٢)؟

قال أبو عُمر: قد ذكَرنا أنَّ حديثَ أبي عُبيدٍ مولى ابن أزْهَرَ أصلٌ في هذه المسألةِ، وإن كان ذلكَ في صَلاةِ العيدِ، والأصلُ في ذلك أيضًا، ما فعلَهُ المُسلِمُونَ يومَ مُؤتةَ، لمّا قُتِلَ الأُمراءُ، أجمعُوا (٣) على خالدِ بن الوليدِ فأمَّرُوهُ (٤)، وأيضًا، فإنَّ المُتغلِّب والخارِجَ على الإمام، تجُوزُ الجُمُعةُ خلفهُ، فمن كان في طاعةِ الإمام، أحرى بجَوازِها خلفهُ.

وذكَرَ أبو بكرٍ الأثرمُ قال: سألتُ أبا عبدِ الله: ما تقولُ في الخَوارج إذا قدَّمُوا رَجُلًا لا يقولُ بقولِهم يُصلِّي بالنّاسِ الجُمُعة؟ قال: صلِّ خلفهُ. فذكرتُ لهُ قولَ من يقولُ (٥): إذا كان الذي قدَّمهُ لا تحِلُّ الصلاةُ خلفهُ، فسَدَتِ الصلاةُ خلفَ هذا المُقدَّم، وإن لم يَقُل بقولِهِم. فقال: أمّا أنا، فلستُ أقُولُ بهذا.

وقال الأثرمُ: حدَّثنا عفّانُ، قال: حدَّثنا عبدُ العزيزِ بن مُسلم، قال: حدَّثنا أبو سِنانٍ ضِرارُ بن مُرَّةَ، عن عبدِ الله بن أبي الهُذَيلِ قال: تَذاكرنا الجُمُعة ليالي المُختارِ الكذّابِ، قال: فاجْتمَعَ رأيُهُم على أن يأتُوهُ، فإنَّما كذِبُهُ عليهِ (٦).


(١) كان الإمام أحمد، في أيام الواثق القائل بخلق القرآن، يجمّع ثم يعيد. (سير أعلام النبلاء ١١/ ٢٦٣).
(٢) انظر: الاستذكار ٢/ ٣٨٩.
(٣) في ض، م: "وأجمعوا".
(٤) أخرجه أحمد في مسنده ١٩/ ١٦٧، ٢١٢ (١٢١١٤، ١٢١٧٢)، والبخاري (١٢٤٦، ٢٧٩٨، ٣٠٦٣)، وأبو يعلى ٧/ ٢٠٢ (٤١٩٠)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ١٣/ ١٧٠ (٥١٧١) من حديث أنس. وانظر: المسند الجامع ٢/ ٣٢١ (١٢٨٦).
(٥) قوله: "قول من يقول". في ر ١: "ما يقول".
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٥٤٤٦) من طريق أبي سنان، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>