للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: حدَّثنا مُصعبُ بن عبدِ الله، قال: حَجَّ سُلَيمانُ بن عبدِ الملكِ، وهُو خَلِيفةٌ، فأرسَلَ إلى عُمَر بن أبي رَبِيعةَ، فقال لهُ: ألَسْتَ القائل:

فكَمْ من قَتِيلٍ لا يُباءُ به دَمٌ ... ومن غَلِقٍ رهنًا إذا ضمَّهُ مِنَى

فذكر الأبيات، والخبر سَواءً، إلّا أنَّهُ قال:

يُسحِّبنَ أذيالَ المُرُوطِ بأسؤقٍ ... خِدالٍ وأعجازٍ مآكِمُها (١) رِوى

ولم يذكُرِ الضَّحّاكَ بن عُثمان.

وعَرَضت لهُ فيه أيضًا مع عُمر بن عبدِ العزيزِ قِصَّةٌ، يَلِيقُ بأهلِ الدِّينِ الوُقُوفُ عليها.

ذكر الزُّبيرُ بن بكّارٍ، قال: حدَّثني محمدُ بن كُناسةَ، عن أبي بكر بن عيّاشٍ، أنَّ عُمَر بن أبي رَبيعةَ قال هذا الشِّعر في أُمِّ عُمَر بنتِ مَرْوان، في خبرٍ ذَكَرهُ.

قال الزُّبيرُ: وحدَّثني مُصعبُ بن عُثمانَ، أنَّ عُمر بن عبدِ العزيزِ لمّا ولي الخِلافةَ، لم يَكُن لهُ همٌّ إلّا عُمرَ بن أبي ربيعةَ، والأحْوَصَ، فكتَبَ إلى عامِلِهِ بالمدينة: إنِّي قد عَرَفتُ عُمَرَ والأحْوَصَ بالخُبثِ والشَّرِّ، فإذا أتاكَ كِتابي هذا، فاشْدُدْهُما، واحمِلهُما إليَّ، فلمّا أتاهُ الكِتابُ، حَمَلهُما إليه، فأقبَلَ على عُمَرَ، ثُمَّ قال: هيهِ!

فلم أُرَ كالتَّجميرِ منظرَ ناظِرٍ ... ولا كلَيالي الحجِّ أقلَتنَ ذا هوى

ومِن مالِئ عَيْنيهِ من شيءِ غيرِهِ ... إذا راح نحوَ الجَمْرةِ البيضُ كالدُّمى

أما والله، لوِ اهتَمَمتَ بحَجِّكَ لم تنظُر إلى شيءِ غيرِكَ، فإذا لم يفلتِ النّاسُ مِنكَ في هذه الأيام، فمَتَى يفلِتُونَ. ثُمَّ أمر بنَفيِهِ، فقال: يا أميرَ المُؤمِنينَ، أو خيرٌ


(١) المآكم، جمع مأكم، والمأكمة: العجيزة، والمأكمتان: اللَّحمتان اللَّتان على رؤوس الوركين.
انظر: لسان العرب ١٢/ ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>