للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ذلكَ؟ قال: ما هُو؟ قال: أُعاهِدُ الله عزَّ وجلَّ على أن لا أعُودَ لمِثْلِ هذا الشِّعرِ، ولا أذكُر النِّساءَ في شِعرٍ أبدًا، وأُجدِّدُ تَوْبةً على يدَيكَ. قال: أوتفعلُ؟ قال: نعم. فعاهَدَ الله على تَوْبتِهِ، وخلّاهُ. ثُمَّ دَعا الأحوصَ، فقال: هيهِ!

اللهُ بَيْني وبين قيِّمِها ... يهرُبُ مِنِّي بها وأتَّبِعُ

بلِ اللهُ بين قيِّمِها، وبينكَ. ثُمَّ أمَر بنفيِهِ، فكلَّمهُ فيه رِجالٌ من الأنْصارِ، فأبى، وقال: والله لا أرُدُّهُ ما دامَ لي سُلطانٌ، فإنَّهُ فاسِقٌ مجُاهِرٌ (١).

والتجميرُ أيضًا في لسانِ العرب: أن يُرمَى بالجُندِ في ثَغْرٍ من ثُغُورِ المُسلِمينَ، ثُمَّ لا يُؤذنُ لهم في الرُّجُوع، قال حُميدٌ الأرقطُ:

فاليومَ لا ظُلمٌ ولا تَجْميرُ ... ولا لغازٍ إن غَزا تجميرُ (٢)

وقال بعضُ الغُزاةِ المُجمَّرين:

مُعاويَ إمّا أن تُجمِّر أهْلَنا ... إلينا وإمّا أن نؤُب مُعاويا

أجمَّرتنا إجمارَ كِسْرَى جُنُودهُ ... ومَنَّيتنا حتَّى مَلِلنا الأمانيا (٣)

واختلَفَ العُلماءُ في إزالةِ الأذَى من المَخْرج بالماءِ، أو بالأحْجارِ، هل هُو فرضٌ واجِبٌ، أم سُنَّةٌ مسنُونةٌ (٤)؟

فذهَبَ مالكٌ، وأبو حنيفةَ، وأصحابُهُما، إلى أنَّ ذلكَ ليس بواجِبٍ فرضًا، وإنَّهُ سُنَّةٌ لا يَنْبغي تركُها، وتارِكُهُا عمدًا مُسيءٌ، فإن صلَّى كذلكَ، فلا


(١) انظر: تاريخ دمشق ٢٤/ ٤٦٣.
(٢) انظر: غريب الحديث لابن قتيبة ١/ ٥٩٦.
(٣) نفسه.
(٤) تنظر تفاصيل ذلك في: المدونة ١/ ١١٧ مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٥٦ فما بعد، والحاوي الكبير ١/ ١٥٩، والاستذكار ١/ ١٣٥، والمغني لابن قدامة ١/ ١١٢ فما بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>