كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار

ابن شهاب، عن أبي إدريس الخولاني، حديثان - ٢ - ج: 7 - ص: 148

إعادةَ عليه، إلّا أنَّ مالكًا يستحِبُّ لهُ الإعادةَ في الوقتِ، وعلى ذلكَ أصحابُهُ. والإعادةُ في الوقتِ لَيْستْ بواجِبةٍ عِندَهُ، ولا عِندَ كلِّ من قال كقولِهِ، وإنَّما هُو اسْتِدراكٌ لما فاتَهُ من السُّنَّةِ في الوقتِ، ولو وجَبَ في السُّنَنِ أن تُعاد بعد الوقتِ، لكانَتْ كالفرائضِ في وُجُوبِها.

وقال الشّافِعيُّ، وأحمدُ بن حَنْبل، وأبو ثَوْرٍ، والطَّبَريُّ: الاسْتِنجاءُ واجِبٌ، لا تُجزِئُ صلاةُ من صلَّى دُونَ أن يَسْتنجي بالأحْجارِ أو بالماء (١).

ومَوْضِعُ المَخْرج مخصُوصٌ عِندَ الجميع بالأحجارِ، وأمّا سائرُ البَدَنِ والثِّيابُ، فلا مدخَلَ للأحجارِ فيها.

ويجُوزُ عِندَ مالكٍ، وأبي حنيفةَ، وأصحابِهِ، الاسْتِنجاءُ بأقلَّ من ثلاثةِ أحْجارٍ، إذا ذهَبَ النَّجسُ، لأنَّ الوِتْرَ يَقَعُ على الواحِدِ فما فوقَهُ من الوتْرِ (٢)، والوِترُ عِندهُم مُستحبٌ، وليسَ بواجِبٍ. وإذا كان الاسْتِنجاءُ عِندهُم ليسَ بواجِبٍ، فالوِترُ فيه أحْرَى بأن لا يكونَ واجِبًا وقد رُوِيَ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في ذلكَ: "من فعَلَ فقَدْ أحسَنَ، ومن لا، فلا حرَجَ".

وحدَّثنا عبدُ الله بن محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داود، قال (٣): حدَّثنا إبراهيمُ بن مُوسَى، قال: حدَّثنا عيسَى بن يُونُسَ، عن ثَوْرِ بن يزيدَ،

---

(١) ينظر: الحاوي الكبير ١/ ١٥٩، والمغني لابن قدامة ١/ ١١٢ فما بعدها.
(٢) قوله: "من الوتر" لم يرد في: م.
(٣) في سننه (٣٥). وأخرجه أحمد في مسنده ١٤/ ٤٣٢ (٨٨٣٨)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ١٢١ - ١٢٢، والبيهقي في الكبرى ١/ ٩٤، من طريق عيسى بن يونس، به. وأخرجه الدارمي (٦٦٢)، وابن ماجة (٣٣٧)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ١٢٢، وابن حبان (١٤١٠) من طريق ثور بن يزيد، به. وانظر: المسند الجامع ١٦/ ٥١١ (١٢٧١٥). وإسناده ضعيف، لضعف الحبراني.