للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفِقهُ هذا الحديثِ الذي من أجلِهِ نُقِلَ، وجاءَ النّاسُ به: تَرْكُ القِراءةِ مع الإمام، في كلِّ صَلاةٍ يجهَرُ فيها الإمامُ بالقِراءةِ.

ففي هذا الحديثِ دليلٌ واضِحٌ على أنَّهُ لا يجُوزُ للمأمُوم، فيما جهَرَ فيه إمامُهُ بالقِراءةِ من الصَّلواتِ، أن يَقْرأ مَعَهُ، لا بأُمِّ القُرآنِ، ولا بغيرِها، لأنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَسْتثنِ فيه شيئًا من القُرآنِ.

وهذا موضُوعٌ اختلَفَتْ فيه الآثارُ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، واختلَفَ فيه العُلماءُ، من الصَّحابةِ، والتّابِعين، وفُقهاءِ المُسلِمينَ، على ثلاثةِ أقوالٍ نذكُرُها، ونُبيِّنُ وُجُوهها بعَونِ الله إن شاءَ الله (١).

فقال منهُم قائلُون: لا يقرأُ لا فيما أسرَّ، ولا فيما جهَرَ.

وقال آخرُونَ: يقرأُ مَعهُ فيما أسرَّ فيه، ولا يقرأُ معهُ (٢) فيما جهَرَ فيه إلّا بأُمِّ القُرآنِ خاصَّةً، دُونَ غيرِها.

وسنُبيِّنُ أقوالهُم، واعْتِلالهُم في هذا البابِ إن شاءَ الله، ونُبيِّنُ الحُجَّةَ لكِلا الفَرِيقينِ، وعليهِم بما يحضُرُنا ذِكر بعَوْنِ الله.

وقال آخرُونَ: يقرأُ مع الإمام فيما أسرَّ فيه، ولا يقرأُ فيما (٣) جهَرَ فيه. وهُو قولُ سعيدِ بن المُسيِّبِ، وعُبيدِ الله بن عبدِ الله، وسالم بن عبدِ الله بن عُمَرَ، وابنِ شِهابٍ وقتادةَ (٤).


(١) ينظر في هذا: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٢٠٤ فما بعد (١٤١).
(٢) هذه الكلمة سقطت من م.
(٣) قوله: "أسر فيه ولا يقرأ فيما" لم يرد في ر ١.
(٤) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٢٧٨٤، ٢٧٨٥، ٢٨١١)، والاستذكار ١/ ٤٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>