للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلُّ ما رُوي عن ابن عُمرَ من الألفاظِ المُجْملةِ، فهذا يُفسِّرُها.

ولهذا واللهُ أعلمُ، أدخَلَ مالكٌ قول ابن عُمر المُجْمل في بابِ تركِ القِراءةِ خلفَ الإمام، فيما جهَرَ فيه، وقيَّدهُ بتَرْجمةِ البابِ، ثُمَّ قال مالكٌ (١): عن نافِع، عن ابن عُمرَ: أنَّهُ كان إذا سُئلَ: هل يَقْرأُ أحدٌ خلفَ الإمام؟ قال: إذا صلَّى أحدُكُم خلفَ الإمام، فحَسْبُهُ قِراءةُ الإمام، وإذا صلَّى وحدَهُ، فليَقْرأ. قال: وكانَ عبدُ الله بن عُمر لا يَقْرأُ خلفَ الإمام.

قال أبو عُمر: يُريدُ فيما جهَرَ فيه، بدليلِ حديثِ ابن شِهاب، عن سالم عنهُ. ويدُلُّك على ذلكَ، أنَّ مالكًا جَعَلَ قول ابن عُمرَ هذا، في بابِ تَرْكِ القِراءةِ خلف الإمام، فيما جهرَ فيه الإمامُ بالقِراءةِ. ثُمَّ أرْدَفَهُ بقولِه: الأمرُ عِندنا أن يَقْرأ الرَّجُلُ وراءَ الإمام فيما لا يَجْهرُ فيه الإمامُ بالقِراءةِ، ويترُك القِراءةَ فيما يجهرُ فيه الإمامُ بالقِراءةِ (٢). ثُمَّ أردَفَ قولهُ هذا، بحديثِ ابن شِهابٍ المذكُورِ في هذا البابِ، عن ابن أُكَيمةَ، عن أبي هُريرةَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قولِه: "ما لي أُنازعُ القرآنَ".

ذكر عبدُ الرَّزّاقِ (٣)، عن مَعْمرٍ وابنِ جُريج، عن الزُّهْريِّ، عن سالم، قال: تَكْفيكَ قِراءةُ الإمام فيما يَجْهرُ به.

وعن مَعْمرٍ، عن الزُّهْريِّ قال: إذا قَرَأ الإمامُ وجهَرَ، فلا تَقْرَأ شيئًا (٤).

فهذا مذهبُ مالكٍ، ومن ذكرنا من العُلماءِ في هذا البابِ.

ولا تجُوزُ القِراءةُ عِندَ أصحابِ مالكٍ خلف الإمام إذا جهَرَ بالقِراءةِ، وسواءٌ سمِعَ المأمُومُ قِراءَتهُ أو لم يسمَعْ، لأنَّها صلاةٌ جهَرَ فيها الإمامُ بالقِراءةِ،


(١) أخرجه في الموطأ ١/ ١٣٨ (٢٢٨).
(٢) انظر: الموطأ ١/ ١٣٨ (٢٢٨، ٢٢٩).
(٣) في المصنَّف (٢٨١١).
(٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٢٧٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>