للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يجُوزُ فيها لمن خلفهُ القِراءةُ، لأنَّ الحُكم فيها واحِدٌ، كالخُطبةِ يوم الجُمُعةِ، لا يجُوزُ لمن لم يَسْمعها، وشَهِدَها أن يتكلَّمَ، كما لا يجُوزُ أن يتكلَّمَ من سَمِعها سَواءً. وسُواءٌ عِندهُم أُمُّ القُرآنِ وغيرُها، لا يجُوزُ لأحَدٍ أن يَتَشاغَلَ عن الاستِماع لقِراءةِ إمامِهِ والإنصاتِ، لا بأُمِّ القُرآنِ، ولا بغيرِها. ولو جازَ للمأمُوم أن يَقْرأ مع الإمام إذا جهَرَ، لم يكُن لجهرِ الإمام بالقِراءةِ معنًى، لأنَّهُ إنَّما جهَرَ (١) ليُسْتَمعَ لهُ ويُنْصَت، وأُمُّ القُرآنِ وغيرُها في ذلكَ سواءٌ، والله أعلمُ.

وقال أحمد بن حَنْبل (٢): من لم يسمَعْ قراءةَ الإمام، جازَ لَهُ أن يَقْرأ، وكان عليه إذا لم يسمَعْ أن يَقْرأ ولو بأُمِّ القُرآن، لأنّ المأمُورَ بالإنصاتِ والاسْتِماع، هو من سمِعَ، دونَ من لم يسمَعْ. وقال بقولهِ طائفةٌ من أهل العلم قبلَهُ وبعدهُ.

وقال بعضُ أصحابِ مالك: لا بأسَ أن يتكَلَّمَ يومَ الجُمُعةِ من لا يَسْمع الخطيبَ بما شاءَ من الخيرِ، وما به الحاجةُ إليه. وكرِهَ مالكٌ لهُ ذلك (٣). وقد ذكرنا هذه المسألة في مَوْضعها من هذا الكتاب.

ذكر عبدُ الرزّاقِ (٤)، عن الثَّوريِّ، عن الصَّلْتِ الرَّبَعيِّ، عن سعيدِ بن جُبيرٍ قال: إذا لم يُسْمعكَ الإمامُ، فاقْرَأ.

وعن ابن جُريج، عن عطاءٍ، قال: إذا لم تَفْهَمْ قِراءةَ الإمام، فاقْرَأ إن شِئتَ وسَبِّحْ (٥).


(١) في م: "يجهر".
(٢) المغني لابن قدامة ١/ ٤٠٧.
(٣) انظر: الاستذكار ١/ ٤٦٦، وتنظر بعض تفاصيل ذلك عند المالكية في الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني للنفراوي ١/ ٢٦٣ حيث بين أن ذلك لمن كان خارج المسجد ورحابه.
(٤) في المصنَّف (٢٧٧٨).
(٥) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٢٧٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>