للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال آخَرُونَ: لا يَتْرُكُ أحدٌ من المأمُومينَ قِراءةَ فاتحةِ الكِتابِ خلفَ إمامهِ فيما جهَرَ فيه الإمامُ بالقِراءةِ، لأنَّ قولَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صَلاةَ لمن لم يَقْرأ بفاتحةِ الكِتاب" (١). عامٌّ لا يخُصُّه شيءٌ، لأنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لم يخُصَّ بقولِهِ ذلكَ مُصلِّيًا من مُصَلٍّ.

قالوا: وقولُ الله عَزَّ وجَلَّ: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: ٢٠٤] خاصٌّ واقعٌ على ما سِوَى فاتحةِ الكتابِ. وكذلك قوله: "ما لي أُنازَعُ القُرآنَ". وقولُهُ: "وإذا قَرَأ فأنصِتُوا" أرادَ بعد فاتحةِ الكتابِ.

وممَّن ذهَبَ إلى هذهِ الجُملَة: الأوزاعيُّ، واللَّيثُ بن سعدٍ. وهو قولُ الشّافعيِّ بمصرَ، وعليه أكثرُ أصحابه، منهم: المُزنيُّ، والبُوَيطيُّ، وبه قال أبو ثَوْر (٢).

ورُويَ ذلكَ عن عُبادةَ بن الصّامتِ، وعبدِ الله بن عَمرو بن العاصِ، وعبدِ الله بن عبّاسٍ.

واختُلِفَ فيه عن أبي هُريرةَ، وهو قولُ عُروةَ بن الزُّبيرِ، وسعيدِ بن جُبيرٍ، ومكحُولٍ، والحسنِ البَصْريِّ.

وذكرَ وكيعٌ، عن ابن عَوْنٍ، عن رَجاءِ بن حَيْوةَ، عن محمودِ بن الرَّبيع قال: صلَّيتُ إلى جنبِ عُبادَةَ بن الصّامتِ، فقَرَأ بفاتحةِ الكتابِ. فلمّا انصرفَ، قلتُ: يا أبا الوليدِ ألم (٣) أسمعكَ قرأتَ بفاتحةِ الكتابِ؟ قال: أجَلْ، إنَّهُ لا صلاةَ إلّا بها (٤).


(١) هو من حديث عبادة بن الصامت، وقد سلف تخريجه قريبًا في هذا الباب.
(٢) ينظر: الحاوي الكبير ٢/ ١٤١ فما بعد.
(٣) في م: "لم"، وهو تحريف.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٣٧٩١)، وابن المنذر في الأوسط (١٣٢٧) من طريق وكيع، به. وأخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٢٧٧١)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (٢٠١) من طريق ابن عون، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>