كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار

باب الميم - ابن شهاب، عن أبي أكيمة الليثي حديث واحد - ج: 7 - ص: 189

ابن أبي ليلى، عن أبيه (١)، عن علي، قال: من قَرَأ خلفَ الإمام، فقد أخْطَأ الفِطْرةَ (٢).

قال أبو عُمر: هذا الخَبرُ لو صَحَّ، كان معناهُ: من قَرَأ مع الإمام فيما جهَرَ فيه بالقِراءةِ، فقد أخْطَأ الفِطْرةَ، لأنَّهُ حينَئذٍ خالفَ الكتابَ والسُّنَّة، فكيفَ وهو خبرٌ غيرٌ صحيح، لأنَّ المُختارَ وأباهُ مَجْهولانِ.

وقد عارَضَ هذا الخبرَ عن عليٍّ ما هو أثبتُ منهُ، وهو خبرُ الزُّهري، عن عُبيد الله (٣) بن أبي رافع، عن عليٍّ، وقد ذكَرناهُ في هذا البابِ.

واحتَجُّوا أيضًا بما رواه عبد الرزّاق (٤) وغيره، عن داود بن قَيْسٍ، قال: أخبرني عُمرَ بن محمدِ بن زيدِ بن عبد الله بن عُمرَ، قال: حدَّثني مُوسَى بن سَعْد (٥) بن زيد بن ثابت، أنَّ زيد بن ثابت، قال: من قَرَأ معَ الإمام، فلا صلاةَ لهُ.

وهذا يحتمِلُ أن يكونَ من قرأ مع الإمام فيما جهَرَ فيه بالقِراءةِ، على أنَّهم قد أجمَعُوا أنَّهُ من قَرَأ مع الإمام على أيِّ حالٍ كانَ، فلا إعادَةَ عليه، فدَلَّ ذلكَ على فسادِ (٦) حديثِ زيدٍ هذا.

---

(١) قوله: "عن أبيه" سقط من ض.
(٢) أخرجه الدارقطني في سننه ٢/ ١٢٣ (١٢٥٥)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (٤١٧) من طريق وكيع، به. وأخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٢٨٠١)، وابن أبي شيبة (٣٨٠٢)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٢١٩، والدارقطني في سننه ٢/ ١٢٣ (١٢٥٧)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (٤٢١) من طريق ابن الأصبهاني، عن ابن أبي ليلى، به. ولم يذكر فيه المختار سوى الطحاوي.
(٣) في م: "عبد الله" خطأ. وهذا الخبر أخرجه عبد الرزّاق في المصنَّف (٢٦٥٦)، وابن أبي شيبة (٣٧٤٧) من طريق الزهري، به. وهو عبيد الله بن أبي رافع المدني، مولى النبي - صلى الله عليه وسلم -. انظر: تهذيب الكمال ١٩/ ٣٤.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (١٢٥٥). وأخرجه ابن أبي شيبة (٣٨٠٩)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (٤٤٨) من طريق عمر بن محمد، به.
(٥) في م: "بن سعيد" خطأ. وهو موسى بن سعد بن زيد بن ثابت الأنصاري. انظر: تهذيب الكمال ٢٩/ ٦٨.
(٦) زاد هنا في م: "ظاهر"، ولم ترد في النسخ.