للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورَوَى الثَّوريُّ، عن أبي الزِّنادِ، عن زيدِ بن ثابتٍ وابن عُمرَ: أنَّهما كانا لا يَقْرآن خلفَ الإمام (١).

وهذا حديثٌ مُنقطعٌ، ويحتملُ أن يكونَ (٢) فيما جهَرَ فيه، دُونَ ما أسَرَّ، وقد ذَكَرنا ذلكَ عن ابن عُمرَ أيضًا، من أصحِّ الطُّرقِ عنهُ، والحمدُ لله.

وأمّا ما رُوِيَ عن سعدِ بن أبي وقّاصٍ، أنَّهُ قال: وَدِدتُ أنَّ الذي يَقْرأ خلفَ الإمام في فيه حَجَرٌ (٣). فمُنقطعٌ لا يصحُّ، ولا نقلَهُ ثقةٌ.

وكذلكَ كلُّ ما رُوِيَ عن عليٍّ في هذا الباب، فمُنقطعٌ لا يثبُتُ، ولا يتَّصلُ، وليسَ عنه فيه حديثٌ مُتَّصلٌ غيرُ حديثِ عبدِ الله بن أبي ليلى، وهو مجهولٌ، وزعَمَ بعضُهم أنَّهُ أخُو عبد الرَّحمن بن أبي ليلى، ولا يصحُّ حديثهُ.

ولا أعلمُ في هذا البابِ صاحبًا صَحَّ عنهُ بلا اختلافٍ، أنَّهُ قال مثلَ ما قال الكُوفيونَ، إلّا جابرَ بن عبد الله وحدَهُ، والله أعلم.

ذكر عبد الرزّاق (٤)، عن داودَ بن قَيْسٍ، عن عُبيد (٥) الله بن مِقْسم، قال: سألتُ جابرَ بن عبدِ الله، أتَقْرأ خلفَ الإمام في الظُّهرِ والعصرِ؟ قال: لا.

وأمّا ما رُوِيَ عن عَلْقمةَ والأسود، أنَّهما قالا: وَدِدنا أنَّ الذي يَقْرأ خلفَ الإمام، مُليء فُوه تُرابًا (٦). فهو صحيحٌ عنهما، لكنهُ يحتملُ أن يكونا أرادا في الجهرِ، دونَ السِّرِّ، فإن صَحَّ عنهما أنَّهما أرادا السِّرَّ والجهرَ، فقد خالفهُما في ذلك من هو فوقهُما ومثلهما، وعندَ الاختلافِ يجبُ الرَّدُّ إلى كتابِ الله، وسُنَّة رَسُولهِ.


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٢٨١٥).
(٢) زاد هنا في م: "أراد"، ولم ترد في النسخ.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٣٨٠٣) عن وكيع، عن قتادة، عن داود بن قيس، عن ابن بجاد، عن سعد، به.
(٤) أخرجه في المصنَّف (٢٨١٩).
(٥) في م: "عبد" خطأ. وهو عبيد الله بن مقسم القرشي المدني. انظر: تهذيب الكمال ١٩/ ١٦٣.
(٦) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٢٨٠٧، ٢٨٠٨، ٢٨٠٩)، ومصنف ابن أبي شيبة (٣٨١٠) و (٣٨١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>