للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد بَيَّنا وأوضَحْنا ما صَحَّ من السُّنَّةِ، وما وردَ به الكتاب في أوَّلِ هذا البابِ، والحمدُ لله.

واحتَجَّ أيضًا من ذهَبَ مذهَبَ الكُوفيِّينَ في هذا البابِ بحديثِ عِمْران بن حُصين: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صلَّى بأصحابِهِ الظُّهرَ، فلمّا قَضَى صلاتَهُ قال: "أيُّكُم قَرَأ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}؟ " فقال بعضُ القوم: أنا يا رَسُولَ الله. قال: "قد عَرفتُ أنَّ بعضكُم خالَجَنيها". رواهُ معمرٌ، وغيرُهُ، عن قتادةَ، عن زُرارةَ بن أوْفَى، عن عِمران بن حُصين (١).

قالوا: ففي هذا الحديثِ، وهو حديثٌ صحيحٌ، أنَّ القِراءة خلفَ الإمام فيما يُسِرُّ به تُكرَهُ، ولا تَجُوزُ.

ومعنى قوله: "خالَجَنيها" أي: نازَعَنيها، والمُخالَجة هُنا عندهُم كالمُنازعة.

فحديثُ عِمْرانَ هذا، كحديثِ ابن أُكَيمة، عن أبي هُريرةَ، ولا تكونُ المُنازَعةُ إلّا فيما جهَرَ فيه المأمُومُ وراءَ الإمام، ويَدُلكَ على ذلكَ، قولِ أبي هُريرة، وهو راوي الحديث في ذلك: اقْرَأ بها في نفسِكَ يا فارسيُّ (٢). قاله في حديثِ العَلاءِ.

قال أبو عُمر: ليسَ في هذا الحديثِ دليلٌ على كَراهيةِ ذلك، لأنَّهُ لو كَرِههُ، لنَهَى عنه.

وإنَّما كرِهَ رفعَ صوتَ الرَّجُلِ بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} في صلاةٍ سُنَّتها الإسرارُ بالقِراءة.

حدَّثنا عبدُ الله بن محمدِ بن عبدِ المُؤمِنِ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكر بن عبدِ الرَّزّاقِ، قال: حدَّثنا سُلَيمانُ بن الأشعثِ، قال (٣): حدَّثنا أبو الوليدِ الطَّيالِسيُّ،


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٢٧٩٩)، والطبراني في الكبير ١٨٢١٠ (٥١٩) من طريق معمر، به.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ١٣٦ (٢٢٤).
(٣) في سننه (٨٢٨)، ومن طريقه أخرجه البيهقي في الكبرى ٢/ ١٦٢. وأخرجه الطيالسي في مسنده (٨٩١)، وعبد الرزاق في المصنَّف (٢٧٩٩)، والحميدي (٨٥٧)، وابن أبي شيبة (٣٦٠٢) و (٣٧٩٨)،=

<<  <  ج: ص:  >  >>