للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومحمدُ بن كثيرٍ العبديُّ، قالا: حدَّثنا شُعبةُ، عن قَتادةَ، عن زُرارةَ بن أوْفَى، عن عِمْرانَ بن حُصين: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى الظُّهر، فجاءَ رجُل فقَرَأ خلفهُ بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} فلمّا فرغَ، قال: "أيُّكُم قَرَأ؟ " قالوا: رَجُلٌ. قال: "قد عَرفتُ أنَّ بعضَكُم خالَجَنيها". قال أبو الوليدِ في حديثه: قال شُعبةُ: قلتُ لقتادَةَ: أليسَ يقولُ سعدٌ: أنْصِت للقُرآن؟ قال: ذلك إذا جهَرَ به. وقال ابن كئيرٍ في حديثه: قال شُعبةُ: قلتُ لقتادَةَ: كأنَّهُ كرِهَهُ؟ قال: لو كَرِهَهُ، نَهَى عنهُ.

قال أبو عُمر: في قولِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في حديثِ ابن شِهاب، عن ابن أُكَيْمةَ، عن أبي هُريرةَ: "ما لي أُنازَعُ القُرآن" دليلٌ على أنَّ القِراءةَ خلفَ الإمام إذا أسرَّ الإمامُ في صلاتِهِ بالقِراءةِ جائزةٌ، لأنَّ المُنازَعةَ في القُرآنِ، إنَّما تَكُونُ مع الجَهْرِ، لا مع السِّرِّ.

وقد اختلَفَ العُلماءُ في حُكم القِراءةِ خلفَ الإمام فيما يُسِرُّ فيهِ (١) بالقِراءةِ، فكَرِهها الكُوفيُّونَ. وإلى ذلك ذهَبَ الثَّوريُّ، وأبو حنيفةَ وأصحابَهُ، والحسنُ بن حيٍّ، وابن أبي ليلى، وابن شُبرُمةَ.

وهو قولُ إبراهيمَ النَّخعيِّ (٢)، وغير من الكُوفيِّينَ، وحُجَّتهُم ما ذكرنا.

وقال سائرُ فُقهاء الحِجازِ والعراقِ والشّام، منهم: مالكٌ، والأوزاعيُّ، والشّافعيُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وداودُ، والطَّبريُّ، وغيرهم: يقرأُ مع


= وأحمد ٣٣/ ٤٩، ١٠٦، ١٧٧ (١٩٨١٥، ١٩٨١٦، ١٩٨٧٤، ١٩٩٦١)، والبخاري في القراءة خلف الإمام (٨٢، ٨٨، ٩٢)، ومسلم (٣٩٨) (٤٧)، والنسائي في المجتبى ٢/ ١٤٠، ٣/ ٢٤٧، وفي الكبرى ١/ ٤٧٤ (٩٩١، ٩٩٢)، وابن حبان ٥/ ١٥٤ - ١٥٥ (١٨٤٥، ١٨٤٦)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٢٠٧ من طرق عن قتادة، به. وانظر: المسند الجامع ١٤/ ٢١٤ - ٢١٥ (١٠٨٣٥)، والمسند المصنف المعلل ٢٣/ ٢١٤ - ٢١٦ (١٠٤١٥).
(١) زاد هنا في م: "الإمام"، وهو تلفيق غريب بين نسختين ورد في إحداهما: "الإمام"، وفي الأخرى: "بالقراءة".
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٢٨١٧)، وابن أبي شيبة (٣٨١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>