للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمام في كلِّ ما يُسِرُّ فيهِ (١). وحُجَّتهم ما قَدَّمنا ذكرهُ في هذا البابِ.

ثمَّ اختلَفَ هؤلاءِ في وجُوبِ القراءةِ ههنا إذا أسَرَّ الإمامُ، فذهَبَ أكثرُ أصحابِ مالكٍ، إلى أنَّ القِراءة عندهُم خلفَ الإمام فيما أسَرَّ به الإمامُ سُنَّةً، ولا شيءَ على من تَرَكها، إلّا أنَّهُ قد أساءَ (٢).

وكذلك قال أبو جعفرٍ الطَّبريُّ، قال: القِراءةُ فيما أسَرَّ فيه الإمامُ سُنَّةٌ مُؤكَّدةٌ، ولا تفسُدُ صلاة من تَرَكها، وقد أساءَ.

ذكر ابن خُوَيْزمَنْداد (٣): أنَّ القِراءة عند أصحابِ مالك خلفَ الإمام، فيما أسَرَّ فيه بالقراءةِ مُسْتحَبَّةٌ غيرُ واجبةِ. وكذلك قال الأبهريُّ، وإليهِ أشارَ إسماعيلُ بن إسحاقَ (٤).

وذكَرَ إسماعيلُ قال: حدَّثنا إبراهيمُ بن حمزَةَ، قال: حدَّثنا عبدُ العزيزِ بن محمدٍ، عن أُسامةَ بن زيد، قال: سألتُ القاسمَ بن محمد عن القِراءةِ خلفَ الإمام فيما لم يجهَرْ فيه، فقال: إن قرأتَ، فلكَ في رجالٍ من أصحابِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أُسْوةٌ، وإن لم تَقْرأ فلكَ في رجالٍ من أصحابِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أُسْوَةٌ (٥).

قال: وحدَّثنا عبد الله بن مَسْلمة، قال: حدَّثنا سُليمانُ بن بلال، عن يحيى بن سعيدٍ، قال: سمعتُ القاسمَ بن محمد، يقولُ: إنِّي أُحبُّ أن أشغَلَ نَفْسي بالقِراءةِ فيما لا يجهَرُ به الإمامُ عن حديثِ النَّفسِ في الظُّهرِ، والعصرِ، والثّالثةِ من المغربِ، والأُخْريينِ من العَتَمةِ (٦).


(١) ينظر: المحلى ٣/ ٢٣٨، والرسالة لابن أبي زيد، ص ٣٥، والحاوي الكبير ٢/ ٣٣١، والمغني ١/ ٤٠٥ - ٤٠٦.
(٢) نفسه.
(٣) في ض: "خوازبنداذ". وقد سلف التنبيه عليه.
(٤) انظر: الاستذكار ١/ ٤٧١.
(٥) أخرجه البيهقي في الكبرى ٢/ ١٦١ من طريق أسامة بن زيد، به.
(٦) انظر: الاستذكار ١/ ٤٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>