للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللنّاسِ أقاويلُ في مُستقَرِّ الأرواح غيرُ ما ذُكِرَ، سنذكُرُ ذلكَ في حديثِ نافع (١) إن شاءَ الله تعالى.

فعلى هذا التَّاويلِ، كأنَّهُ قال - صلى الله عليه وسلم -: إنَّما نَسَمةُ المُؤمِنِ من الشُّهداءِ طائرٌ يعلَقُ في شَجرِ الجنَّةِ.

وجاءَ عن أُبيِّ بن كعبٍ رحِمهُ الله، وجَماعةٍ من التّابِعين في صِفةِ أحوالِ الشُّهداءِ، وطَعامِهِم في الجنَّةِ أقاويلُ غيرُ هذه، وإنَّما ذكَرنا في هذا البابِ، ما في معنى حَديثِنا، وما يُطابِقُهُ، ويُضاهيهِ، وبالله التَّوفيقُ.

وقال آخرُونَ: أرواحُ المُؤمِنين على أفْنِيةِ قُبُورِهِم.

وكان ابن وضّاح يَذْهبُ إلى هذا، ويَحتجُّ بحديثِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حينَ خرجَ إلى المَقْبرةِ، فقال: "السَّلامُ عليكُم دارَ قوم مُؤمِنينَ" (٢). فهذا يَدُلُّ على أنَّ الأرواحَ بأفْنِيةِ القُبُورِ.

وقد خالَفهُ غيرُهُ، فمالَ إلى الحديث: "اذهبُوا برُوحِهِ" يعني المُؤمِنَ "إلى عِلِّيِّين". وقال في الكافِر: "اذهَبُوا برُوحِهِ إلى سِجِّينٍ من أسفلِ الأرضِ" (٣).

وقد ذكَرنا هذا المعنى في بابِ نافِع، وبابِ العلاءِ، من هذا الكِتابِ، والحمدُ لله.


(١) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٣٢٧ (٦٤١).
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٦٥ (٦٤) من حديث أبي هريرة.
(٣) أخرجه الطبراني في الأوسط ١/ ٢٢٥ (٧٤٢)، والمزي في تهذيب الكمال ٢٣/ ٦٠٤ - ٦٠٥ من حديث أبي هريرة بنحوه مطولًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>