للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستِدلالُ الصَّحيحُ من قولِ أبي بكرٍ وعُمرَ للجَدَّة: ما لكِ في كِتابِ الله شيءٌ. على أنَّ الفَرائض والسِّهام في المواريثِ لا تُؤخذُ إلّا من جِهةِ نَصِّ الكِتابِ والسُّنَّةِ، استِدلالٌ صحيحٌ، ولا خِلافَ في ذلكَ بين العُلماءِ فأغْنَى عن الكلام فيه، إلّا أنَّهُم أجمعُوا: أنَّ فرضَ الجَدَّةِ والجدّاتِ السُّدُسُ، لا مزيدَ فيه بسُنَّةِ رسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والفَرائضُ والسِّهامُ مأخُوذةٌ من كِتابِ الله عزَّ وجلَّ نصًّا، ما عدا الجَدَّةَ، فإنَّ فَرْضها بسُنَّةِ رسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، من نَقْلِ الآحادِ، على ما ذكَرْنا في هذا البابِ، ومن إجماع العُلماءِ، أنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضى بذلك، وقد قال رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عامَ حجَّةِ الوداع: "إنَّ الله قد أعْطَى كلَّ ذي فَرْضٍ فرضَهُ، فلا وَصِيَّةَ لوارِثٍ" (١). وفي هذا ما يدُلُّ على صِحَّةِ ما ذكَرْنا، وباللّه توفيقُنا.

واختلفَ العُلماءُ من الصَّحابةِ ومن بَعدهُم في تَوْريثِ الجَدّاتِ على ما أصِفُ لكَ، فكان زيدُ بن ثابتٍ يقولُ: سواءٌ كانتِ الجدَّةُ لأُمٍّ، أو لأبٍ، ميراثُها السُّدُسُ، فإنِ اجْتَمعتا، فالسُّدُسُ بينهُما، وكذلكَ إن كَثُرنَ لا يزِدنَ على السُّدُسِ، إذا تساوَيْنَ في القُعْدُدِ (٢)، فإن قرُبتِ التي من قِبَلِ الأُمِّ، كان السُّدُسُ لها دُون غيرِها، وإن قرُبتِ التي من قِبَلِ الأبِ، كان السُّدُسُ بينها وبينَ التي من قِبَلِ الأُمِّ وإن بَعُدت، ولا ترِثُ من قِبَلِ الأُمِّ إلّا جدَّةٌ واحِدةٌ، ولا تَرِثُ الجدَّةُ أُمُ أبِ الأُمِّ على حالٍ، ولا يَرِثُ مع الأبِ أحدٌ من جَدّاتِهِ، ولا تَرِثُ جَدَّةٌ


(١) أخرجه الطيالسي (١١٢٧، ١١٢٨)، وأحمد في مسنده ٣٦/ ٦٢٨ (٢٢٢٩٤)، وأبو داود (٢٨٧٠، ٣٥٦٥)، وابن ماجة (٢٧١٣)، والترمذي (٢١٢٠)، والدارقطني في سننه ٣/ ٤٥٥ (٢٩٦٠) من حديث أبي أمامة الباهلي. وانظر: المسند الجامع ٧/ ٤١٢ - ٤١٣ (٥٢٥٩). وانظر: الموطأ ٢/ ٣١٥ (٢٢٢٥). وسيأتي تخريج باقي طرقه في شرح حديث نافع، عن ابن عمر، وهو في الموطأ ٢/ ٣٠٩ (٢٢١٤).
(٢) القُعدد: أملك القرابة في النسب، وأقرب القرابة إلى الميت. انظر: لسان العرب ٣/ ٣٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>