للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطَلْحةَ بن عبدِ الله بن عَوْفٍ، وسُليمانَ بن يسارٍ يقولُون: إذا كانتِ الجدَّةُ من قِبَلِ الأُمِّ أقرَبَ، فهي أحقُّ به، وإن كانت أبعَدَ، فهُما سواءٌ.

قال (١): وأخبرنا مَعْمرٌ، عن قَتادةَ، عن ابن المُسيِّبِ، أنَّ زيد بن ثابتٍ كان يقولُ ذلكَ.

قال أبو عُمر: وقد ذكَرنا هذا عن زيدِ بن ثابتٍ، وذكَرنا مذهَبَ زيدٍ في أحْكام الجدّاتِ فيما تَقدَّم من هذا البابِ.

وهُو قولُ أهلِ المدينةِ، وإليهِ ذهَبَ مالكٌ، والشّافِعيُّ، وأبو حَنِيفَةَ، وداودُ، كلُّهُم يذهبُ في الجدّاتِ إذا اجتمعت أُمُّ الأبِ، وأُمُّ الأُمِّ، وليسَ للميِّتِ أُمٌّ ولا أبٌ، أنَّ أُمَّ الأُمِّ إن كانت أقعَدَهُما، كان لها السُّدُسُ دُون أُمِّ الأبِ، وإن كانت أُمُّ الأبِ أقعَدَهُما، وكانتا مُشْترِكتينِ في القُعدُدِ، فالسُّدُسُ بينهُما نِصْفينِ. وإنَّما كانتِ الجدَّةُ أُمُّ الأُمِّ إذا كانت أقعَدَ أولى بالسُّدُسِ من أُمِّ الأبِ، من قِبَلِ أنَّها أقربُ للميِّتِ.

ألا تَرَى أنَّ ابنتها، وهي الأُمُّ تمنعُ الجدّاتِ الميراثَ من أجلِ قُربِها، فكذلكَ أُمُّها تمنعُ الجدّاتِ إذا لَمْ يكُنَّ في دَرَجتِها.

فأمّا إذا بَعُدت، وقرُبتِ التي من جِهَةِ الأبِ، فإنَّهُما يَشْترِكانِ عِندَ زيدِ بن ثابتٍ.

وقال به أهلُ المدينةِ، وأهلُ العِراقِ، وذلكَ واللّهُ أعلمُ، لأنَّ أُمَّ الأُمِّ هي التي ورَدَ فيها النَّصُّ من السُّنَّةِ، ومِثالُ ذلكَ إذا كان الميِّتُ تركَ جدَّتهُ أُمَّ أُمِّهِ، وجدَّتهُ أُمَّ أبيه، فالسُّدُسُ هاهُنا لأُمِّ أُمِّهِ، وإن تركَ أُمَّ أبيه، وأُمَّ أُمِّ أُمِّهِ، فالسُّدُسُ بينهُما سَواءً، ولا يرِثُ عِندَ مالكٍ من الجَدّاتِ غيرُهُما (٢).


(١) عبد الرزاق في المصنَّف (١٩٠٨٧).
(٢) رواه في الموطأ ٢/ ١٦ (١٤٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>