للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروَى هذا الحديثَ عبدُ العزيزِ بنُ أبي سلمةَ الماجِشُون، عن إسحاقَ بنِ عبدِ اللَّه بنِ أبي طلحة، عن أنسِ بنِ مالك، قال: لما نزَلت هذه الآية: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}، جاء أبو طلحةَ ورسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على المنبر. قال: وكانت (١) دارُ ابنِ جعفرٍ والدارُ التي تَلِيها إلى قصرِ ابنِ حُدَيلةَ (٢) حوائطَ لأبي طلحة. قال: وكان قصرُ ابنِ حُدَيلةَ حائطًا لأبي طلحةَ يُقال لها: بَيْرُحاء. وكان النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَدخُلُها وَيشرَبُ من مائها، ويأكُلُ من ثمرِها، فجاءَ أبو طلحةَ ورسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على المنبر، فقال: إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ يقولُ في كتابه: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}، وإنَّ أحبَّ أموالي إليَّ بَيْرُحاءَ، فهي للَّه ولرسولِه، أرجُو برَّه وذُخرَه، اجعَلْه يا رسولَ اللَّه حيثُ أراكَ اللَّهُ. فقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بخ (٣)، ذلكَ يا أبا طلحةَ مالٌ رابحٌ، قد قبِلناهُ منك، وردَدْناه عليك، فاجعَلْه في الأقربين". قال: فتصدَّقَ به أبو طلحةَ على ذوي رَحِمِه؛ فكان منهم أُبيُّ بنُ كعب، وحسّانُ بنُ ثابت. قال: فباع حسّانُ نصيبَه من مُعاوية، فقيل له: يا حسّان، تبيعُ صدقةَ أبي طلحة؟ فقال: ألا أبيعُ صاعًا من تمرٍ بصاع من دراهم (٤)؟


(١) في ق، ف ١: "وكان".
(٢) حُدَيلة: بضمِّ الحاء وفتح الدال، وهي محلَّة بالمدينة نُسِبتْ إلى بني حُديلة، بطنٌ من الأنصار، قاله القاضي عياض في المشارق ١/ ٣٥٥، وزاد ابن حجر في الفتح ٥/ ٣٨٨: "ووَهِمَ مَنْ قاله بالجيم؛ فنُسِبَ إليهم القصرُ بسبب المجاورة، وإلّا فالذي بناهُ معاوية بن أبي سفيان".
(٣) قوله: "بخ" تُقال بإسكان الخاء، وبكسرها مع التنوين، فمَن سكّنَ شبَّهها بـ "هل" و"بل"، ومَن كسرها ونوَّنها أجراها مجرى صهٍ ومَهٍ، وشبَّهها بالأصوات. ينظر: المشارق للقاضي عياض ١/ ٧٩.
(٤) أخرجه البخاري (٢٧٥٨)، قال: "قال إسماعيل: أخبرني عبد العزيز بن عبد اللَّه بن أبي سلمة"، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٣/ ٢٨٨ (٥٣٩٧) من طريق أحمد بن خالد الوَهْبي، عن عبد العزيز بن عبد اللَّه بن أبي سلمة الماجشون، عن إسحاق، به. =

<<  <  ج: ص:  >  >>