للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: أُميَّةُ بن عبدِ الله بن خالدِ بن أسِيدٍ، كان عامِلًا لعبدِ الملكِ بن مروانَ على خُراسانَ، ولهُ إخوةٌ كثيرةٌ، ذكرهُم أهلُ النَّسبِ، ومن أعمامِهِ من يُسمَّى أُميَّةَ بن خالدٍ، ولخِالدِ بن أسِيدٍ جدِّهِ بنُونَ كثيرٌ أيضًا، أسنُّهُم عبدُ الرَّحمنِ بن خالدٍ.

في هذا الحديثِ من الفِقهِ: أنَّ قَصْرَ الصَّلاةِ في السَّفرِ من غيرِ خوفٍ، سُنَّةٌ لا فَرِيضةٌ، لأنَّها لا ذِكرَ لها في القُرآنِ، وإنَّما القَصْرُ المذكُورُ في القُرآنِ إذا كان سفَرًا، وخوفًا، واجتمعا جميعًا، قال الله عزَّ وجلَّ: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: ١٠١]. فلم يُبحِ القَصْرُ إلّا مع هذينِ الشَّرطَيْنِ.

ومِثلُهُ في القُرآنِ، قولُهُ عزَّ وجلَّ: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} يعني الحَرائِرَ {فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ .... } إلى قوله {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٥] فلم يُبح نِكاحُ الإماءِ، إلّا بعدَم الطَّولِ إلى الحُرَّةِ، وخَوْفِ العَنَتِ جميعًا.

ثُمَّ قال عزَّ وجلَّ: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [النساء: ١٠٣] أي: فأتِمُّوا الصَّلاةَ، فَهذه صلاةُ الحَضَرِ.

وقد تقدَّمت صلاةُ الخَوْفِ (١) مع السَّفرِ، وقد نَصَّ عليهما جميعًا القُرآنُ، وقَصَرَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلاةَ من أربع، إلى اثنتينِ، إلّا المغرِبَ، في أسفارِه كلِّها، آمنًا لا يخافُ إلّا الله تعالى، فكان ذلكَ منهُ سُنّةً مسنُونةً - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، زيادةً منهُ في أحكام الله، كسائرِ ما سنَّهُ وبَيَّنهُ، مِمّا ليسَ لهُ في القُرآنِ ذِكرٌ، مِمّا لو ذكَرْنا بعضهُ، لطالَ


(١) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٢٥٧ - ٢٥٨ (٥٠٤، ٥٠٥) من طريق صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة، ونافع عن ابن عمر، بصلاة الخوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>