للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكِتابُ بذِكرِهِ، وهُو ثابِتٌ عندَ أهلِ العِلم، أشْهَرُ من أن يُحتاج فيه إلى القولِ في غيرِ موضِعِهِ.

فحديثُ ابن عُمرَ في هذا البابِ، قولُهُ: إنَّما نَفْعلُ كما رأينا رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يفعلُ. مع حديثِ عُمر، حيثُ سألَ رسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، عن القَصْرِ في السَّفرِ، من غيرِ خوفٍ، فقال لهُ: "تِلكَ صَدَقةٌ تصدَّق الله تعالى بها عليكُم، فاقبَلُوا صَدَقتهُ". يدُلّانِ على أنَّ الله عزَّ وجلَّ قد يُبيحُ في كِتابِهِ الشَّيءَ بشرطٍ، ثُمَّ يُبيحُ ذلكَ الشَّيءَ على لسانِ رسُولِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بغيرِ ذلكَ الشَّرطِ، أَلَا تَرَى أنَّ القُرآن إنَّما أباحَ القَصْرَ لمن كانَ خائفًا ضارِبًا في الأرضِ، وأباحَهُ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آمنًا.

والدَّليلُ على أنَّ قصرَ الصَّلاةِ في السَّفرِ من غيرِ خوفٍ، سُنَّةٌ مسنُونةٌ، مع ما تقدَّمَ من حديثِ هذا البابِ:

ما حَدَّثَنَا عبدُ الله، قال: حَدَّثَنَا محمدِ بن بكرٍ (١)، قال: حَدَّثَنَا أبو داود، قال (٢): حَدَّثَنَا أحمدُ بن حَنْبل ومُسدَّدٌ، قالا: حَدَّثَنَا يحيى بن سعيدٍ، عن ابن جُرَيج، قال: حَدَّثَنَا عبدُ الرَّحمنِ بن عبدِ الله بن أبي عمّارٍ، عن عبدِ الله بن بابَيْهِ، عن يعْلَى بن أُميَّةَ قال: قلتُ لعُمرَ بن الخطّابِ: إقْصارُ النّاسِ الصَّلاةَ اليومَ، وإنَّما قال الله عزَّ وجلَّ: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: ١٠١] فقد ذهَبَ ذلكَ، فقال:


(١) في م: "عبد الله بن محمد بن أبي بكر"، خطأ، وقد تكرر مرارًا على الصواب. فعبد الله هو ابن محمد بن عبد المؤمن، وشيخه هو محمد بن بكر بن محمد بن عبد الرزاق، ابن داسة البصري، راوي السنن عن أبي داود. انظر: سير أعلام النبلاء ١٥/ ٥٣٨.
(٢) في سننه (١١٩٩). وأخرجه أحمد في مسنده ١/ ٣٦٠ (٢٤٤)، ومسلم (٦٨٦) مكرر، وأبو يعلى (١٨١)، وابن خزيمة (٩٤٥)، وابن حبان ٦/ ٤٤٩ - ٤٥٠ (٢٧٤٠، ٢٧٤١)، والبيهقي في الكبرى ٣/ ١٣٤، من طريق يحيى بن سعيد، به. وأخرجه أحمد ١/ ٣٠٨ (١٧٤)، ومسلم (٦٨٦)، وأبو داود (١٢٠٠)، وابن ماجة (١٠٦٥)، والنسائي في المجتبى ٣/ ١١٦، وفي الكبرى ٢/ ٣٥٧ (١٩٠٤)، وابن حبان ٦/ ٤٤٨ (٢٧٣٩) من طريق ابن جريجٍ، به. وانظر: المسند الجامع ١٣/ ٥١٠ (١٠٤٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>