للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان أبو طلحةَ من خيارِ أصحابِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد أخبرَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ عن الإنسانِ أنَّه {لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: ٨]. قال المفسِّرون: الخيرُ هاهنا المالُ.

وفيه إباحةُ اتِّخاذِ الجنّاتِ والحوائط، وهي التي تُعرفُ عندَنا بالمُنَى، في الحواضِرِ وغيرِها.

وفيه إباحةُ دخولِ العلماءِ والفضلاءِ البَساتينَ وما جانسَها من الجنّاتِ والكروم وغيرِها، طلبًا للرّاحةِ والتَّفرُّج، والنَّظرِ إلى ما يُسلِّي النَّفس، وما يُوجبُ شُكرَ اللَّه عزَّ وجلَّ على نِعَمِه.

وفيه ما يدُلُّ على إباحةِ كسْبِ العَقار، وفي ذلك ردٌّ لما رُوِيَ عن ابنِ مسعودٍ، أنّه قال: لا تتَّخذوا الضَّيعَةَ فترغَبوا في الدُّنيا (١). وفي كسبِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- العَقارَ ممّا أفاءَ اللَّهُ عليه من بني النَّضير، وفَدَكَ، وغيرِها، وكسبِ الصحابةِ رضيَ اللَّهُ عنهم من الأنصارِ والمهاجرين للأرَضينَ والحوائط، وكسبِ التابعينَ بعدَهم بإحسانٍ لذلك، أكثرُ من أن يُحصَى.

ولا خلافَ علِمْتُه في أنَّ كَسْبَ العَقارِ مُباح، إذا كان من حِلِّه، ولم يكنْ سببَ ذلٍّ وصَغار، فإنَّ ابنَ عمرَ رضيَ اللَّهُ عنه كرهَ كَسْبَ أرضِ الخراج، ولم يرَ شراءَها، وقال: لا تَجعَلْ في عُنقِكَ صَغارًا (٢).


(١) أخرجه الحميدي في مسنده (١٢٢)، وأحمد في المسند ٦/ ٥٤ (٣٥٧٩) عن سفيان بن عيينة، عن شِمْر بن عطية، عن سليمان بن مهران الأعمش، عن مغيرة بن سعد بن الأخْرَم، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه، به، مرفوعًا، وإسناده ضعيف لجهالة مغيرة بن سعد، وجهالة أبيه.
وأخرجه الطيالسي في مسنده (٣٧٧)، والبخاري في التاريخ الكبير ٤/ ٥٤ (١٩٣٥)، والترمذي (٢٣٢٨)، وابن أبي عاصم في الزُّهد (٢٠٢)، وأبو يعلى في مسنده ٩/ ١٢٦ (٥٢٠٠) من طرق عن سليمان بن مهران الأعمش، به. وإسناده ضعيف، كما تقدّم.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٦/ ٩٣ (١٠١٠٨) و ٨/ ٩٢ (١٤٤٤٩) و ١٠/ ٣٣٧ (١٩٢٨٨)، وابن زنجوية في الأموال (٣١٣)، والبيهقي في الكبرى ٩/ ١٤٠ (١٨٨٦٦) من طرق عن كليب بن وائل، عنه رضي اللَّه عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>