للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلفُوا أيضًا فيمن لهُ أن يقصُرَ، فقال مالكٌ: من خرجَ إلى الصَّيدِ مُتلذِّذًا، لَمْ أُحِبَّ لهُ أن يقصُرَ، ومن خرجَ في مَعْصيةٍ، لَمْ يَجُزْ لهُ أن يقصُرَ، ومن كان الصَّيدُ مَعاشَهُ قصرَ (١).

وقال الشّافِعيُّ (٢): إن سافر في مَعْصيةٍ فلا يقصُرُ، ولا يمسحُ مسح المُسافِرِ. وهُو قولُ داود والطَّبريِّ.

وقال أحمد بن حَنْبل: لا يَقْصُرُ مُسافرٌ إلَّا في حَجٍّ، أو عُمرةٍ، أو غزوٍ (٣).

ورواهُ عن ابن مسعُودٍ (٤). وهُو قولُ داود، إلّا أنَّ داود قال: في حجٍّ، أو عُمرةٍ، أو غَزْوٍ.

ولأحمد بن حَنْبل قولٌ آخرُ مِثلُ قولِ الشّافِعيِّ: من سافَرَ في غيرِ مَعْصيةٍ قصَرَ ومسَحَ.

وقصَرَ عليٌّ رضي الله عنهُ في خُرُوجِهِ إلى صِفِّين (٥)، وخرج ابن عبّاسٍ إلى مالِهِ بالطّائفِ فقصر الصَّلاةَ (٦).

وقال نافِعٌ: كان ابن عُمرَ يُطالِعُ مالهُ بخيبرَ، فتقْصُرُ الصَّلاةَ (٧).

وأكثرُ الفُقهاءِ على إباحَةِ القَصْرِ للمُسافِرِ تاجِرًا، وفي أمرٍ أُبيحَ لهُ الخُرُوجُ إليه.


(١) انظر: مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٥٦، والاستذكار ٢/ ٢١٩.
(٢) انظر: الأم ١/ ٢١٢، ومختصر المزني ٨/ ١١٩.
(٣) مسائل الإمام أحمد برواية إسحاق الكوسج (١٧١٥).
(٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٤٢٨٦)، وابن أبي شيبة (٨٢٣٣)، وابن المنذر في الأوسط (٢٢٥٦، ٢٢٥٧) من طرق عنه، به.
(٥) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٤٣٢٢)، وابن أبي شيبة (٨٢٢٩)، وابن المنذر في الأوسط (٢٢٥٢)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٤١٩.
(٦) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٤٢٩٢)، وابن المنذر في الأوسط (٢٢٥٣). وذكر ابن أبي شيبة أن ابن عباس أفتى بأن يقصر المسافر إلى الطائف (المصنَّف ٨٢٢٢ و ٨٢٢٤).
(٧) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٢١١ (٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>