للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا حديثٌ قدِ اختُلِف عن مالكٍ في إسناده، وهكذا رواهُ أكثرُ أصحابِه. وقد رَوى أبو حُميدٍ السّاعِدِيُّ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثلهُ (١).

وقال الشّافِعيُّ، والثَّورِيُّ، والأوزاعِيُّ، وأبو حنِيفةَ وأصحابُهُم: لا بأسَ بالاستِعانةِ بأهْلِ الشِّركِ على قِتالِ المُشرِكِينَ، إذا كانَ حُكمُ الإسْلام هُو الغالِبَ عليهم، وإنَّما تُكرَهُ الاستِعانةُ بهِم، إذا كان حُكمُ الشِّركِ هُو الظّاهِر.

وقد رُوِي: أنَّهُ لمّا بلغَ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - جمعُ أبي سُفيانَ للخُرُوج إليه يومَ أُحُدٍ، انطلَقَ وبعَثَ إلى بَني النَّضِيرِ، وهُم يهودٌ، فقال لهُم: "إمّا قاتلتُم مَعَنا، وإمّا أعَرْتُمُونا سِلاحًا" (٢).

قال أبو عمر (٣): هذا قَولٌ يحتمِلُ أن يكونَ لضرُورةٍ دَعَتهُ إلى ذلك.

وقال الثَّورِيُّ، والأوزاعِيُّ: إذا استُعِينَ بأهلِ الذِّمَّةِ، أُسهِمَ لهُم (٤).

وقال أبو حنِيفةَ وأصحابُهُ: لا يُسهَمُ لهُم، ولكِنْ يُرضَخُ (٥).


(١) أخرجه ابن سعد في طبقاته ٢/ ٤٨، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٦/ ٤١٧ (٢٥٨١)، والطبراني في الأوسط ٥/ ٢٢١ (٥١٤٢)، والحاكم في المستدرك ٢/ ١٢٢، والبيهقي في الكبرى ٩/ ٣٧.
(٢) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار ٦/ ٤١٥ (٢٥٧٩)، من حديث ثابت بن الحارث الأنصاري، عن بعض من كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وهذا لا يصح لأنه مرسل، وثابت بن الحارث لا تثبت له صحبة فهو تابعي، قال الحافظ ابن حجر في تعجيل المنفعة، ص ٦٢: "والذي يظهر أنه تابعي كما صَرّح به العجلي، واقتضاه كلام ابن يونس، وهو أعلم الناس بالمصريين". ومن ثم فإن بناء الأحكام على مثل هذا لا يجوز، ولذلك قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس: "لا أرى أن يستعينوا بهم إلا أن يكونوا خدمًا". أما الاستعانة بالكافر على المسلم فلا يجوز بإجماع الفقهاء.
(٣) هذا قول أبي جعفر الطحاوي بنصه في مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٤٣٠.
(٤) انظر: تفسير القرطبي ٨/ ١٨.
(٥) مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٤٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>