للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو كان الفِطرُ في التَّطوُّع حَسَنًا، لكان أفضلُ ذلك وأحسنُهُ في إجابَةِ الدَّعوةِ، التي هِي سُنَّةٌ مَسْنُونةٌ، فلمّا لم يَكُن ذلك كذلك، عُلِمَ أنَّ الفِطرَ في التَّطوُّع لا يجُوزُ.

وقد رُوِي عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّهُ قال: "لا تصُومُ امْرَأةٌ وزَوْجُها شاهِدٌ يومًا من غيرِ شَهْرِ رمضانَ، إلّا بإذنِهِ" (١).

وفي هذا ما يَدُلُّ على أنَّ المُتطوِّعَ لا يُفطِرُ، ولا يُفطِّرُ غيرَهُ؛ لأنَّهُ لو كان للرَّجُلِ أن يُفسِدَ عليها، ما احتاجَتْ إلى إذنِهِ، ولو كان مُباحًا كان ذلك لا معنى لهُ، والله أعلمُ.

وقد رُوِي عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّهُ قُدِّمَ إليه سمنٌ وتمرٌ وهُو صائمٌ، فقال: "رُدُّوا تمرَكُم في وِعائهِ، ورُدُّوا سَمْنكُم في سِقائهِ، فإنِّي صائمٌ" (٢)، ولم يُفطِرْ، بل أتمَّ صَوْمهُ إلى اللَّيلِ، على ظاهِرِ قَولِ الله عزَّ وجلَّ: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧]، ولم يخُصَّ فرضًا من نافِلة.

وقد رُوِيَ عن ابن عُمرَ في المُفطِرِ مُتعمِّدًا، في صوم التَّطوُّع، أنَّهُ قال: ذلك اللّاعِبُ بدِينِهِ، أو قال: بصوْمِهِ (٣).


(١) أخرجه أحمد في مسنده ١٢/ ٢٩٦ (٧٣٤٣)، والدارمي (١٧٢٧)، والبخاري (٥١٩٥)، وابن ماجة (١٧٦١)، والترمذي (٧٨٢)، والنسائي في الكبرى ٢/ ٢٥٨ (٢٩٣٣)، وابن خزيمة (٢١٦٨) من طريق الأعرج، عن أبي هريرة. وانظر: المسند الجامع ١٧/ ١٨٢ (١٣٤٨٥).
(٢) أخرجه أحمد في مسنده ١٩/ ١٠٩ (١٠٢٥٣)، والبخاري (١٩٨٢)، والنسائي في الكبرى ٧/ ٣٦٥ (٨٢٣٤)، والبزار في مسنده ١٣/ ١٧٠ (٦٦٠١)، وأبو يعلى (٣٨٧٨)، وابن حبان ٣/ ٢٦٩، و ١٦/ ١٥٤ (٩٩٠، ٧١٨٦) من طريق حميد، عن أنس، به. وانظر: المسند الجامع ٢/ ٤٢٣ - ٤٢٤ (١٤٥٠).
(٣) انظر: الاستذكار ٣/ ٣٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>