للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حنِيفةَ وأصحابُهُ (١): لا يجِبُ الرَّجمُ بالإقرارِ، حتّى يُقِرَّ بالزِّنا أربعَ مرّاتٍ، في مجالِسَ مُفترِقةٍ، وهُو أن يغِيبَ عن مجلِسِ القاضِي، حتّى لا يراهُ، ثُمَّ يعُودَ فيقرَّ.

وقال الحسنُ بن حيٍّ: يُقِرُّ أربع مرّاتٍ. ولم يذكُر: مجالِس مُفترِقةً (٢).

وقال أبو يُوسُف ومحمدٌ: يُحدُّ في الخمرِ بإقراره مرَّةً واحِدةً. وقال زُفرُ: لا يُحدُّ حتّى يُقِرَّ مرَّتينِ في مَوْطِنينِ.

وقال أبو حنِيفةَ، وزُفرُ، ومحمدُ بن الحسنِ: إذا أقرَّ مرَّةً واحِدةً في السَّرِقةِ، صحَّ إقرارُهُ. وقال أبو يُوسُف: لا يصِحُّ حتّى يُقِرَّ مرَّتينِ (٣).

حدَّثنا عبدُ الوارِثِ بن سُفيانَ وسعِيدُ بن نصرٍ، قالا: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا ابنُ وضّاح، قال: حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شَيْبةَ، قال (٤): حدَّثنا عبدُ الله بن نُمير، قال: حدَّثنا بشِيرُ بن المُهاجِرِ، قال: حدَّثني عبدُ الله بن بُريدةَ، عن أبيهِ: أنَّ ماعِزَ بنَ مالكٍ الأسلمِيَّ أتى رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسُولَ الله، إنِّي قد ظَلَمتُ نفسِي وزَنَيتُ، وأنا أُرِيدُ أن تُطهِّرنِي. فردَّهُ، فلمَّا كانَ من الغَدِ أتاهُ أيضًا، فقال: يا رسُولَ الله، إنِّي قد زَنيتُ. فردَّهُ الثّانِيةَ، فأرسلَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قومِهِ، فقال: "أتعلمُونَ بعَقلِهِ بأسًا؟ أتنكِرُونَ منهُ شيئًا؟ " قالوا: لا نعلمُهُ إلّا وفيَّ العَقْلِ من صالحينا فيما نَرَى. قال: فأتاهُ الثّالِثةَ، فأرسلَ إليهم أيضًا، فسألَ عنهُ، فأخبرُوهُ أنَّهُ لا بأسَ به ولا بعَقلِهِ، فلمَّا كان الرّابعةُ حفَرَ لهُ حُفرةً، ثُمَّ أمرَ به فرُجِمَ.


(١) مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٢٨٣، ومنه ينقل هذه الآراء.
(٢) المصدر السابق.
(٣) المصدر السابق، وانظر: الاستذكار ٧/ ٤٦٩. وانظر فيه أيضًا ما بعده.
(٤) في المصنَّف (٢٩٣٦٧). ومن طريقه أخرجه مسلم (١٦٩٥) (٢٣). وأخرجه أحمد في مسنده ٣٨/ ٢٦ (٢٢٩٤٢)، والدارمي (٢٣٢٥، ٢٣٢٩)، والنسائي في الكبرى ٦/ ٤١٧ (٧١٢٩)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٣/ ١٤٣ - ١٤٤، والحاكم في المستدرك ٤/ ٣٦٢، والبيهقي في الكبرى ٨/ ٢٢١، من طريق بشير بن المهاجر، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>