للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأكثرُهُم يقولُ: إنَّهُ اعترَفَ أربَعَ مرّاتٍ.

وفي حديثِ أبي سعِيدٍ الخُدرِيِّ: ثلاثَ مرّاتٍ.

وفي حديثِ جابرِ بن سَمُرةَ: أنَّهُ اعترَفَ مرَّتينِ، ثُمَّ أمرَ به فرُجِمَ. هكذا رواهُ شُعبةُ (١) وإسرائيلُ (٢) وأبو عَوانةَ (٣)، عن سِماكٍ، عن جابرِ بن سمُرةَ.

واختلف الفُقهاءُ في عَددِ الإقرارِ بالزِّنا (٤).

فقال مالكٌ، واللَّيثُ، والشّافِعيُّ وعُثمانُ البتِّيُّ: إذا أقرَّ مرَّةً واحِدةً حُدَّ. وهُو قولُ داود والطَّبرِيِّ. ومن حُجَّتِهِم، ما رُوِيَ من الآثارِ المذكُورِ فيها الرَّجمُ بإقرارٍ مرَّتينِ، وثلاث. وهُو دُونَ الأربع، وحديثُ ابن شِهاب، عن عُبيدِ الله، عن أبي هُريرةَ وزيدِ بن خالدٍ في قِصَّةِ العَسِيفِ، قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "واغدُ يا أُنيسُ على امرأةِ هذا، فإنِ اعْتَرفتْ، فارجُمها" فاعْتَرفت فرَجَمها (٥). ولم يُقل: إنِ اعْتَرفت أربعَ مرّاتٍ، فكلُّ اعتِرافٍ على ظاهِرِ هذا الحديثِ، يُوجِبُ الرَّجمَ، مرَّةً كانَ أو أكثرَ.

وقد أجمعُوا أنَّ الإقرارَ في الحُقوقِ، يجِبُ بالمرَّةِ الواحِدةِ، وكذلك الحُدُودُ في القِياسِ، وليسَ الشَّهاداتُ من بابِ الإقرارِ في شيءٍ، لإجْماعِهِم على أنَّ الإقرارَ في الحُقوقِ لا يجِبُ تَكْرار مرَّتينِ، قِياسًا على الشّاهِدينِ، وكذلك لا يجِبُ الإقرارُ في الزِّنا أربع مرّاتٍ، قِياسًا على الشُّهُودِ الأربعة.


(١) طريق شعبة سيأتي بإسناده، ويخرج في موضعه.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (١٣٣٤٣)، وأحمد في مسنده ٣٤/ ٣٩٩ (٢٠٨٠٣)، والدارمي (٢٣١٦)، والطبراني في الكبير ٢/ ٢٢٢ (١٩١٧)، من طريق إسرائيل، به.
(٣) أخرجه مسلم (١٦٩٢) (١٧)، وأبو داود (٤٤٢٢) من طريق أبي عوانة، به. وعندهما أنه شهد على نفسه أربع مرات.
(٤) ينظر تفاصيل ذلك في مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٢٨٣ (١٣٩٨).
(٥) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٣٨٣ (٢٣٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>