للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجُلٌ أشْعَرُ (١) قصِيرٌ لهُ عَضَلاتٌ، فأقرَّ أنَّهُ قد زنَى، فردَّهُ مرَّتينِ، ثُمَّ أمَرَ به فرُجمَ (٢)، فقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "كلَّما نَفَرنا غازِين في سبِيلِ الله، تخلَّفَ أحدُهُم لهُ نبِيبٌ (٣) كنبِيبِ التَّيسِ، يمنحُ إحداهُنَّ الكُثْبةَ، لا أُوتَى بأحَدٍ منهُم، إلّا جعلتُهُ نكالًا" (٤).

قال أبو عُمر: في بعضِ هذه الأحادِيثِ ما يَدُلُّ على أنَّ إقْرارهُ كان في مجالِس مُفْترِّقةٍ.

وفي حديثِ ابن عبّاسٍ أيضًا، وجابرِ بن سمُرةَ، وأبي هُريرةَ، ما يدُلُّ على أنَّهُ أقرَّ على نَفسِهِ في مجلِسٍ واحِدٍ مرَّتينِ، أو أربع مرّاتٍ، أعرضَ عنهُ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - منها في الثَّلاثِ، وبعضُهُم يقولُ: شَهِدَ على نفسِهِ أربَعَ شهاداتٍ.

والآثارُ في ذلك كثيرةٌ طرقُها جِدًّا، قد ذكَرَها المُصنَفون، وفيما ذكرْنا منها كِفايةٌ، وإنَّما غَرضُنا أن نذكُرَ حديثَ ابن شِهاب مُتَّصِلًا لا غيرَ، ولكِنّا ذكَرْنا غيرَهُ، لأَنهُ من حُجَّةِ المُخالِفِ، وفيما ذكَرْنا من الحُجَّةِ لمذهبِنا شِفاءٌ إن شاءَ الله.

واختلَفَ الفُقهاءُ أيضًا في رُجُوع المُقِرِّ بالزِّنى، وشُربِ الخمرِ، وما ليسَ من حُقوقِ الآدمِيِّين (٥).


(١) هكذا في النسخ، وفي مصادر التخريج: "أشعث".
(٢) قوله: "به فرجم". في م: "برجمه".
(٣) نبيب التيس: صوت التيس عند السفاد. انظر: لسان العرب ١/ ٧٤٧.
(٤) أخرجه مسلم (١٦٩٢) (١٨)، والنسائي في الكبرى ٦/ ٤٢٣ (٧١٤٤) من طريق محمد بن بشار، به. وأخرجه أحمد في مسنده ٣٤/ ٤٩٨ (٢٠٩٨٣)، وأبو داود (٤٤٢٣) من طريق محمد بن جعفر، به. وأخرجه الطيالسي (٨٠١)، وأحمد ٣٤/ ٤٩٩ (٢٠٩٨٤)، ومسلم (١٦٩٢) (١٨ مكرر)، والبزار ١٠/ ١٧٤ (٤٢٥٠)، وأبو عوانة (٦٢٦٨، ٦٢٦٩، ٦٢٧٠)، وابن حبان ١٠/ ٢٨١ (٤٤٣٦)، والطبراني في الكبير ٢/ ٢١٨ (١٨٩٧)، والبيهقي في الكبرى ٨/ ٢١٢، من طريق شعبة، به. وانظر: المسند الجامع ٢/ ٣٧٨ - ٣٧٩، (٢١٠٧).
(٥) تنظر التفاصيل في: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٢٨٤ (١٣٩٩)، ومنه ينقل المؤلف ما يأتي =

<<  <  ج: ص:  >  >>