وقد روى زُفَرُ بن وثيمَةَ، عن المُغِيرة بن شُعبةَ، أنَّ الذي أخبرَ بهذا الحديثِ عمر: زُرارةُ بن جِزْيٍ، رَجُلٌ من الصَّحابةِ.
أخبرنا عبدُ الله بن محمدِ بن يُوسُف، قال: أخبرنا يُوسُفُ بن أحمدَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن عَمرِو بن مُوسى، قال: أخبرنا محمدُ بن أحمد بن الوليدِ الأنْطاكِيُّ، قال: حدَّثنا محمدُ بن المُباركِ الصُّورِيُّ، قال: حدَّثنا صدَقةُ بن خالدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن عبدِ الله الشُّعَيثيُّ، عن زُفَرَ بن وثيمةَ، عن المُغِيرة بن شُعبةَ، أنَّ زُرارةَ بن جِزْيٍ قال لِعُمرَ بن الخطّابِ: إنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كتبَ إلى الضَّحّاكِ بن سُفيانَ أن يُورِّثَ امرأةَ أشْيمَ الضِّبابِيِّ من دِيَتِه (١).
وهذا الحديثُ لا تقومُ به الحُجَّةُ، وليسَ مِمَّا يُعارَضُ به حديثُ ابن شِهاب.
وأصحُّ ما في هذا البابِ حديثُ ابن شِهاب، عن سعِيدِ بن المُسيِّبِ، عن عُمرَ بن الخطّابِ، عن الضَّحّاكِ بن سُفيانَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
وفيه من الفِقهِ: أنَّ الرَّجُلَ العالِم الخيِّرَ الجليل، قد يخفَى عليه من السُّننِ والعِلم، ما يكونُ عندَ غيره، مِمَّن هُو دُونهُ في العِلم. وأخبارُ الآحادِ عِلمُ خاصَّةٍ، لا يُنكَرُ أن يخفَى منهُ الشَّيءُ على العالِم، وهُو عندَ غيره.
وفيه أنَّ القِياسَ لا يُسْتعملُ مع وُجُودِ الخَبرِ وصِحَّتِهِ. وأنَّ الرَّأي لا مَدخَلَ لهُ في العمَلِ، مع ثبوتِ السُّنَّةِ بخِلافِهِ. ألا تَرى عُمرَ قد كان عندَهُ في رأيِهِ: أنَّ من يَعقِلُ يرِثُ الدِّيةَ. فلمَّا أخبرَهُ الضَّحَّاكُ بما أخبَرهُ، رجعَ إليهِ، وقَضَى بهِ، واطَّرحَ رأيهُ.
(١) أخرجه الطبراني في الكبير ٥/ ٢٧٦ (٥٣١٥)، وفي مسند الشاميين (١٤٣٧) من طريق صدقة بن خالد، به. وأخرجه الدارقطني في سننه ٥/ ١٣٣، ١٣٤ (٤٠٨٧) من طريق محمد بن عبد الله الشعيثي، به.