للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختُلِفَ في مَوْضِع نحرِه - صلى الله عليه وسلم - (١)، فقال قومٌ: نَحَرَ في الحِلِّ، وقال آخرُونَ: بل نَحرَ في الحُرْم، وقال اللهُ عزَّ وجلَّ: {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} [الفتح: ٢٥].

وقالوا: كان بناءُ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في الحِلِّ، وكان يُصلِّي في الحُرم.

ذكرَ محمدُ بن إسحاق، عن الزُّهريِّ، قال: كان بناءُ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مَضْروبًا (٢) في الحِلِّ، وكان يُصلِّي في الحُرْم (٣).

وقال عَطاءٌ: في الحُرْم نحرَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - هديَهُ يومئذ (٤). وكان عطاءٌ يقولُ: إذا بلغ الهَدْيُ الحُرْم، فقد بلغ محِلَّهُ.

قال أبو عُمر: ظاهِرُ قولِ الله عزَّ وجلَّ: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} يرُدُّ قولَ عطاءٍ، واللهُ أعلمُ، وقد قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٣٣].

واختلفَ الفُقهاءُ فيمن حصَرهُ العدُوُّ في غيرِ الحُرْم (٥):

فقال مالكٌ: المُحصَرُ بعدُوٍّ، ينحَرُ هَدْيَهُ حيثُ حُصِرَ، في الحُرْم وغيرِهِ.

وهُو قولُ الشّافِعيِّ وداودَ بن عليٍّ.

وقال أبو حَنِيفةَ: لا ينحَرُ هَدْيَهُ إلّا في الحُرْم.

وقال عطاءٌ: لا يَحِلُّ المُحصَرُ إلّا أن ينحَرَ هديَهُ في الحُرْم. وقد رُوي عنهُ إجازَةُ نحرِ الهدي للمُحصَرِ في الحِلِّ والحُرْم. وهُو قولُ ابن مسعُودٍ، وابنِ عُمرَ،


(١) بعده في ض، م: "هَدْيَه" والمثبت من ش ٤، ظا.
(٢) ويأتي مضطربًا، وهو بمعنى، قال ابن الأثير في النهاية ٣/ ٨٠: اضطرب خاتمًا من ذهب، أي: أمر أن يضرب له ويصاغ، والطاء بدلًا من التاء.
(٣) أخرجه أحمد في مسنده ٣١/ ٢١٢ - ٢٢٠ (١٨٩١٠) عن يزيد بن هارون، عن محمد بن إسحاق، به مطولًا، بخبر صلح الحديبية. وانظر: سيرة ابن هشام ٢/ ٣١٩.
(٤) انظر: الأم ٢/ ١٧٣.
(٥) تنظر التفاصيل في مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ١٨٧ (٦٥٢) إذ منه ينقل المؤلف ما يأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>