للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاعِدًا عليها، فأحْرَقَتْ منها مِثلَ مَوْضِع الدِّرهم، فقال: "إذا نِمتُمْ فأطْفِئُوا سُرُجَكُم (١)، فإنَّ الشَّيطانَ يدُلُّ مثلَ هذه، على هذا، فتَحْرِقُكُم".

وأمّا قولُهُ في هذا الحديثِ: "وأوْكِئُوا السِّقاءَ". فالسِّقاءُ: القِربةُ وشِبهُها، والوِكاءُ: الخيطُ الذي تُشَدُّ بهِ.

فكأنَّهُ قال عليه السَّلامُ: اربُطُوا فمَ الإناءِ إذا كان مِمّا يُربَطُ مِثلُهُ، وشُدُّوهُ بالخيطِ.

وأمّا قولُهُ: "أَكْفِئُوا الإناءَ". فإنَّهُ يُريدُ: اقلِبُوهُ، وكُبُّوهُ، وحوِّلُوهُ إذا كان فارِغًا، لا تَدعُوهُ مفتُوحًا ضاحيًا، يُقالُ: كَفأتُ الإناءَ: إذا قَلبتَهُ، وهي كلِمةٌ مَهْمُوزةٌ، وأنا أكفُؤُهُ، قال ابنُ هَرْمةَ:

عِندي لهذا الزَّمانِ آنيةٌ ... أملؤُها مرَّةً وأكفُؤُها (٢)

وكذلك قولُهُ: "أطفِئُوا المِصباح" مهمُوزٌ أيضًا، قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} [المائدة: ٦٤].

وقال الشّاعِرُ:

بَرَزتُ في غايتي وشايَعني ... مَوْقِدُ نارِ الوَغَى ومُطفِؤُها

وقال غيرُهُ:

وعاذِلةٍ (٣) هبَّت (٤) تلُومُ ولومُها ... لِنيرانِ شَوْقي مُوقِدٌ غيرُ مُطفِئ


(١) في ش ٤: "سراجكم"، والمثبت يعضده ما في سنن أبي داود.
(٢) لم نقف عليه ولا على البيتين الآتيين.
(٣) في م: "وعادلة".
(٤) في ظا: "همّت".

<<  <  ج: ص:  >  >>