للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا قولُهُ: "وخمِّرُوا الإناءَ" فالتَّخميرُ هاهُنا: التَّغطيةُ، وما خمَّرتَهُ، فقد غطَّيتَهُ، وإنَّما يُكفَأُ من الأواني، ما لا يُمكِنُ تَغْطيتُهُ وتخميرُهُ.

وقولُهُ في حديثِ مالك: "خمِّرُوا الإناءَ، أو أكْفِئُوا الإناءَ" يَحتَمِلُ أن يكون التَّخييرُ في تخميرِ الإناءِ وتحويلِهِ، ويَحتَمِلُ أن يكون شكًّا من المُحدِّث.

وفي هذا الحديثِ من العِلم أيضًا: أنَّ الشَّيطانَ لم يُعطَ معَ ما به من القوَّةِ أن يفتحَ غَلَقًا، ولا يَحُلَّ وِكاءً، ولا يكشِفَ إناءً، رحمةً من الله تعالى بعِبادِهِ، ورِفقًا بهِم.

حدَّثنا عبدُ الرَّحمنِ، قال: حدَّثنا عليٌّ، قال: حدَّثنا أحمدُ، قال: حدَّثنا سحنُونُ، قال: حدَّثنا ابنُ وَهْب، قال: أخبرني ابنُ لَهيعة واللَّيثُ، عن أبي الزُّبيرِ المكِّيِّ، عن جابرِ بن عبدِ الله: أنَّ أبا حُميدٍ السّاعِديَّ أتَى رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بقَدَح لَبنٍ من البَقِيع لم يُخمِّرهُ، فقال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "هلّا خمَّرتَهُ ولو بعُودٍ تَعْرُضُهُ (١) عليه؟ " (٢).

حدَّثنا عبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن عبدِ السَّلام، قال: حدَّثنا محمدُ بن بشّارٍ، قال: حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن ابن جُرَيْج، عن عَطاءٍ، عن جابرٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "أطفِئ مِصْباحَك،


(١) وبابه: ضرب، ونصر.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٤٧٠٠)، وأحمد في مسنده ٢٢/ ٤٢ (١٤١٣٧)، والنسائي في الكبرى ٦/ ٢٢٠، ٣٠٤ (٦٥٩٩، ٦٨٥٣)، وأبو عوانة (٨١٤١، ٨١٤٢، ٨١٤٣)، والبيهقي في شعب الإيمان (٦٠٦٠) من طريق أبى الزبير، به. وانظر: المسند الجامع ٤/ ٢١٧ (٢٦٩٤).
وأخرجه أبو يعلى (٢٠٠٥) من طريق أبي صالح وأبي سفيان، عن جابر، به.
على أن هذا الحديث رواه أحمد في مسنده ٣٩/ ٢١ (٢٣٦٠٨)، والدارمي (٢٢٧٠)، ومسلم في صحيحه (٢٠١٠)، وأبو عوانة (٨١٤٤ - ٨١٤٧)، وابن خزيمة (١٣٠)، وابن حبان (١٢٧٠)، والبيهقي في شعب الإيمان (٥٦٥٩) من طريق أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أخبرني أبو حميد الساعدي، أنه أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بقدح لبن من النقيع ... الحديثَ، فجعلوه من حديث أبي حميد الساعدي. وانظر: المسند المصنف المعلل ٦/ ٩٤ - ٩٥ (٢٩٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>