للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا معرُوفٌ في غيرِ ما حديثٍ، وكان ذلكَ الوقتَ من حُاودِ الإسلام وفَرائضِهِ: البَيْعةُ على هِجْرةِ الأوطانِ، والبَقاءِ معَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولذلكَ كان قطعُ الله وَلايةَ المُؤمنينَ المُهاجِرينَ مِمَّن لم يُهاجِرْ منهُم، فقال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [الأنفال: ٧٢]. وقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنا بريءٌ من كلِّ مُسْلم باقٍ مع مُشْرِك" (١).

وكان يَشترِطُ عليهمُ السَّمعَ والطّاعةَ، في العُسرِ واليُسرِ، والمَنْشَطِ والمَكْرهِ، إلى أشياءَ كثيرةٍ كان يَشْترِطُها، قد وردَ في الآثارِ ذِكرُها: كبَيْعة النِّساءِ (٢) وغيرِها.

وقد وردَ القُرآن (٣) بنصِّ بَيْعتِهِ للنِّساءِ المهاجِراتِ وسكَتَ عن الرِّجالِ، لدُخُولهِم في المعنى، كدُخُولِ من أُحصنَ من الرِّجالِ، في قولِهِ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: ٤] ومِثلُ هذا كثيرٌ.

وقد ذكرَ جريرٌ: أنَّهُ اشترطَ عليهمُ النُّصحَ لكلِّ مُسْلم (٤).

ومعنى هذه المُبايعةِ، واللهُ أعلمُ، الإعلامُ بحُدُودِ الإسلام وشَرائعِهِ وآدابِه.

وقال الشّافِعيُّ رحِمهُ الله: أمّا بيعةُ النِّساءِ، فلم يَشْترِط فيها السَّمعَ والطّاعةَ؛ لأنَّهُنَّ ليسَ عليهنَّ جِهادُ كافِرٍ ولا باغ، وإنَّما كانت بَيْعتُهُنَّ على الإسلام وحُدُودِهِ.


(١) سلف تخريجه في حديث ابن شهاب، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال: قلت: يا رسول الله، أفأتصدق بثلثي مالي؟ ... الحديث. وهو في الموطأ ٢/ ٣١١ - ٣١٢ (٢٢١٩).
(٢) في م: "كبيعتهِ للنساء" بدل: "كبَيعة النِّساء".
(٣) هذه اللفظة سقطت من م.
(٤) سيأتي بإسناده، في الحديث الثالث لعبد الله بن دينار، عن ابن عمر في البيعة، وهو في الموطأ ٢/ ٥٧٨ (٢٨١١). وانظر تخريجه في موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>