للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ابن عُمرَ، عن عائشةَ، قالت: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "فناءُ أُمَّتي بالطَّعنِ والطّاعُونِ". قلتُ: الطَّعنُ قد عَرَفناهُ، فما الطّاعُونُ؟ قال: "غُدَّةٌ كغُدَّةِ البَعِيرِ، تخرُجُ في المراقِّ (١) والآباطِ، من ماتَ منهُ، مات شَهِيدًا". وذكر تمامَ الخبر (٢).

وأمّا الرِّجزُ، فالعذابُ، لا يختلِفُ في ذلكَ أهلُ العِلم باللِّسانِ، من ذلك قولُهُ: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ} [الأعراف: ١٣٥] وهُو كثيرٌ.

وقد يكونُ الرِّجسُ والرِّجزُ سواءً.

والرِّجْسُ: النَّجاسةُ، والرُّجزُ: أيضًا عِبادَةُ الأوثانِ، دليلُ ذلك قولُهُ عزَّ وجلَّ: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: ٥].

ولا وجهَ لذِكرِ الرِّجزِ في هذا الحديثِ، إلّا العذاب، وكلُّ ما ابتُلي به الإنسانُ من الأوْجاع والمِحَنِ بالسَّيفِ (٣) وغيرِ ذلك، فهُو من العذاب، وقد قيل في: {الْعَذَابِ الْأَدْنَى} [السجدة: ٢١]: يومُ بدرٍ. وقال: {وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا} [الحشر: ٣]، هذا كلُّهُ وما أشْبَههُ من العذابِ، والله أعلمُ.

وأمّا قولُهُ: "أُرسِلَ على بَني إسرائيلَ، أو على من كان قبلكُم"، فالشَّكُّ من المُحدِّثِ، هل قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "علي بني إسرائيلَ" أو قال: "أُرسِلَ على من قبلكُم"؟ والمعنى، واللهُ أعلمُ: أنَّ الطّاعُونَ - أوَّل ما نزلَ في الأرضِ - فعلى طائفةٍ من بَني إسرائيلَ قَبلَنا.


(١) المراق: ما سَفُل من البطن عند الصفاق، أسفل من السرة. انظر: لسان العرب ١٠/ ١٢٢.
(٢) أخرجه ابن الأعرابي في معجمه (٢٤٥٦) من طريق فروة بن أبي المغراء، به. وأخرجه الطبراني في الأوسط ٥/ ٣٥٣ (٥٥٣١) من طريق علي بن مسهر، به. وأخرجه أبو يعلى في مسنده (٤٦٦٤) من رواية عطاء بن أبي رباح، قال: قالت عائشة، وهو منقطع. وأخرجه أحمد في مسنده ٤٢/ ٥٣، و ٤٣/ ٢٥٦ - ٢٥٧ (٢٥١١٨، ٢٦١٨١) من طريق معاذة العدوية، عن عائشة، به.
(٣) في الأصل، م: "والشيب"، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>