للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر عبدُ الرَّزّاق (١)، عن هشام بن حسَّانٍ، عن ابن سِيرينَ، قال: تُكْرَهُ الصلاةُ في ثلاثِ ساعاتٍ، وتحرُمُ في ساعتينِ، تُكرَهُ بعد العَصْرِ، وبعد الصُّبح، ونِصفَ النَّهارِ في شِدَّةِ الحرِّ، وتحرُمُ حينَ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّمسِ حتَّى يَسْتوي طُلُوعُها، وحينَ تَصفرُّ حتَّى يَسْتوي غُرُوبُها.

قال (٢): وأخبرنا ابنُ جُريج، قال: سمِعتُ أبا سَعْد (٣) الأعْمَي، يُخبِرُ عن رَجُلٍ يُقالُ لهُ: السّائبُ مولى الفارِسيِّينَ، عن زيدِ بن خالدٍ الجُهَنيّ: أنَّهُ رآهُ عُمرُ بن الخَطّابِ، وهُو خَلِيفةٌ، ركَعَ بعد العَصر ركعتينِ، فمَشَى إليه، وضَرَبهُ بالدِّرَّةِ وهُو يُصلِّي، فقال لهُ زيدٌ: يا أميرَ المُؤمِنينَ اضرِبْ، فواللّه لا أدَعُهُما، إنِّي رَأيتُ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصلِّيهِما. قال: فقال لهُ عُمرُ: يا زيدُ بن خالدٍ، لولا أنِّي أخْشَى أن يتَّخِذهُما النّاسُ سُلَّمًا إلى الصلاةِ حتَّى اللَّيل، لَمْ أضْرِب فيهِما.

وقال آخرُونَ: أمّا الصلاةُ بعد الصُّبح، إذا كانت تطوُّعًا، أو صلاةَ سنَّةٍ، ولم تكُن قَضاءَ فرضٍ، فلا تجُوزُ البتَّةَ؛ لأنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عن الصلاةِ بعد الصُّبح حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ، نهيًا مُطلقًا، ومعنى نَهْيِهِ في ذلك عن غيرِ الفَرْضِ المُعيَّنِ، والذي يجِبُ منهُ على الكِفايةِ، كالصلاةِ على الجنائزِ، بدليل قولهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من أدركَ رَكْعةً من الصُّبح، قبلَ أن تَطْلُع الشَّمسُ، فقد أدركَ الصُّبح، ومن أدركَ رَكْعةً من العَصْرِ قبلَ أن تغرُبَ الشَّمسُ، فقد أدركَ العَصْر" (٤).

وقد مَضَى القولُ في هذا المعنَى مُجوَّدًا، في بابِ زيدِ بن أسْلَم من كِتابِنا هذا، فأغْنَى عن إعادتِهِ هاهُنا.


(١) في المصنَّف (٣٩٥٦).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٣٩٧٢).
(٣) في م: "أبا سعيد"، محرف، وهو أبو سعد المكي الأعمى. انظر: تهذيب الكمال ٣٣/ ٣٤٧.
(٤) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٣٦ (٥) من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>