للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومِمَّن ذهَبَ إلى هذا ابنُ عُمر، فيما أخبرنا عبدُ الله بن محمدِ بن يُوسُفَ، قال: حَدَّثَنَا أحمدُ بن محمدِ بن إسماعيلَ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بن الحَسَنِ، قال: حَدَّثَنَا الزُّبيرُ بن بَكّارٍ، قال: حَدَّثَنَا عمِّي مُصْعبُ بن عبدِ الله وإبراهيمُ بن حَمْزةَ، عن جدِّي عبدِ الله بن مُصْعَبٍ، عن قُدامَةَ بن إبراهيمَ بن محمدِ بن حاطِبٍ، قال: ماتَتْ عمَّتي، وقد أوْصَتْ أن يُصلِّي عليها عبدُ الله بن عُمرَ، فجِئتُهُ (١) حينَ صلَّينا الصُّبحَ فأعْلَمتُهُ، فقال: اجْلِسْ، فجَلَستُ حتَّى طَلَعتِ الشَّمسُ وصَفَتْ. قال إبراهيمُ بن حَمْزةَ، في حديثه: وبَلَغتِ الكُثَابَ (٢) الذي في غَرْبيِّ مَسجدِ رسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ قامَ يُصلِّي عليها. قال: فبُلُوغُ الشَّمسِ الكُثَابَ الذي في غربيِّ المسجدِ، عَلَمٌ عِندَ أهل المدينةِ لصَلاةِ السُّبحةِ.

قالوا: فهذا ابنُ عُمرَ، وهُو يُبِيحُ الصَّلاةَ بعد العَصْرِ، قد كَرِهها بعد الصُّبح.

قال أبو عُمر: قد ذكَرْنا مذاهِبَ العُلماءِ في وَقْتِ الصَّلاةِ على الجَنائزِ، في بابِ زيدِ بن أسلمَ، من حديثِ الصُّنابِحيِّ.

قالوا: فالصَّلاةُ بعد العصرِ لا بأسَ بها، ما دامَتِ الشَّمسُ مُرْتَفِعةً بَيْضاءَ، لَمْ تَدنُ للغُرُوب، لأنَّ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد ثبتَ عنهُ: أنَّهُ كان يُصلِّي النّافِلةَ بعد العَصْرِ، ولم يَرْوِ عنهُ أحدٌ: أنَّهُ صلَّى بعد الصُّبح نافِلةً، ولا تَطوُّعًا، ولا صلاةَ سُنَّةٍ بحال.


(١) في الأصل: "فجئت".
(٢) في م: "الكباش"، وفي الأصل: "الكتاب"، ولعل ما أثبتناه هو الصواب، فإن الكثاب: ما يكثب من الرمل، قال ذو الرُّمة:
تَوَخّاه بالأظلافِ حتى كأنّما ... يثيرُ الكُثَابَ الجَعْدَ عن متن مَحمِلِ
(ينظر: الجليس الصالح للمعافى بن زكريا، ص ٦٤٦). والظاهر أنه كان في غربي المسجد النبوي مكان مرتفع يسمى "الكثاب" إذا ما بلغته الشمس كان علامة لصلاة السُّبحة، ومثله ما ذكر في أخبار مكة للفاكهي ٤/ ١٩٤ أن جبل عمر كان يُدعى الفسطاط لأنه منبسط، "وهو علامة للمكيين في قديم الدهر لصلاة السبعة إذا وقعت الشمس عليه صلوا السبحة".

<<  <  ج: ص:  >  >>