للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد مَضَى ذِكرُ ما للعُلماءِ في الصَّلاةِ على الجَنائزِ، في بابِ زَيْدِ بن أسْلَمَ، عن عَطاءٍ، عن الصُّنابِحيِّ.

وقال آخرُونَ: لا يجُوزُ أن يُصلِّي أحدٌ بعد العَصْرِ، ولا بعد الصُّبح شيئًا من الصلواتِ المسنُوناتِ، ولا التَّطوُّع كلِّهِ، المعهُودِ منهُ، وغيرِ المعهُودِ، إلّا أنَّهُ يُصلَّى على الجَنائزِ بعد الصُّبح، وبعدَ العَصْرِ، ما لَمْ يكُنِ الطُّلُوعُ والغُرُوبُ، فإن خُشِيَ عليها التَّغيُّرُ، صلَّى عليها عِندَ الطُّلُوع والغُرُوبِ، وما عَدا ذلك فلا، لنَهْي رسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الصلاةِ بعد الصبح حتَّى تطلُع الشَّمسُ، وبعد العَصْرِ حتَّى تغرُب الشَّمسُ. وهُو نهيٌ صَحِيحٌ ثابتٌ، لا يجِبُ أن يُعارَضَ بمِثلِ الآثارِ التي قَدَّمتُ، وهُو على عُمُومِهِ فيما عَدا الفَرائض، والصلاةَ على الجَنائزِ، لقيام الدَّليل على ذلكَ، مِمّا لا مُعارِضَ لهُ.

ومِمَّن قال بهذا القول: مالكُ بن أَنَسٍ وأصحابُهُ.

ونحوُ قول مالكٍ في هذا البابِ، مَذْهَبُ أحمدَ بن حَنْبل، وإسحاقَ بن راهُويةَ قال أحمدُ وإسحاقُ: لا يُصلَّى بعد العَصْرِ إلّا صلاةً فائتةً، أو على جِنازةٍ، إلى أن تَطْفُلَ (١) الشَّمسُ للغيبُوبةِ (٢).

قال أبو عُمر: رُوِيَ عن النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّهيُ عن الصلاةِ بعد الصُّبح حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ، وبعد العَصْرِ حتَّى تغرُبَ الشَّمسُ. من حديث عُمرَ (٣)، وأبي هُريرةَ (٤)، وأبي


(١) طَفَلت الشمس للغُروب، أي: دنت منه، واسم تلك الساعة: الطَّفَل. انظر: النهاية لابن الأثير ٣/ ١٣٠.
(٢) تنظر تفاصيل ذلك في الأوسط لابن المنذر ٥/ ٣٩٥ - ٣٩٦، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٣٨٦ - ٣٨٥ (٣٦٢).
(٣) أورده المصنّف بإسناده، وقد سلف تخريجه قريبًا.
(٤) أخرجه الطيالسي (٢٥٨٥)، وابن ماجة (١٢٥٢)، وابن خزيمة (١٢٧٥)، وأبو يعلى (٦٥٨١)، وابن حبان ٤/ ٤١٨ (١٥٥٠)، والطبراني في الأوسط ٢/ ٢٠٦ (١٧٤١)، والبيهقي في الكبرى ٢/ ٤٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>