للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا إجماعَ في هذه المسألةِ، إلّا بما قالهُ مالكٌ، والشّافِعيُّ، من الماءِ الذي جَعلهُ الله طهُورًا، وخصَّهُ بذلكَ، فهذا وَجْهُ النَّظرِ عِندِي في هذه المسألةِ، وبالله التَّوفيقُ والعِصمَةُ.

ومن هذا البابِ أيضًا: الأرضُ تُصيبُها النَّجاسةُ، هل يُتيمَّمُ عليها، أو يُصلَّى إذا ذهَبَ أثرُ النَّجاسةِ، من غيرِ أن تُطهَّر بالماءِ؟

فإنَّ العُلَماءَ اخْتَلفُوا في ذلكَ، فقال مالكٌ والشّافِعيُّ وأصحابُهُما، وهُو قولُ زُفَر: لا يُطهِّرُها إلّا الماءُ، إذا عُلِمَ بنَجاستِها، وهي عِندَهُم محمُولةٌ على الطَّهارةِ، حتَّى تُسْتَيقنَ (١) نجاستُها (٢) فإذا اسْتوقِنَتِ النَّجاسةُ فيها، لن يُطهِّرها إلّا الماءُ، ولا تجُوزُ الصَّلاةُ عليها، ولا التَّيمُّمُ.

إلّا أنَّ مالكًا قال: من تَيمَّمَ عليها، أو صلَّى، أعادَ في الوَقْتِ. وقد قال: يُعيدُ أبدًا (٣).

وكذلك اختلَفَ أصحابُهُ، فمنهُم من قال: يُعيدُ أبدًا من تَيمَّم على مَوْضِع نجِسٍ. ومنهُم من قال: يُعيدُ في الوقتِ لا غيرَ.

هذا (٤) إنَّما هُو في نجاسةٍ لم تَظْهر في التُّرابِ، وفيما لم تُغيِّرهُ النَّجاسةُ، وأمّا من تَيمَّمَ على نَجاسةٍ يراها، أو تَوضَّأ بماءٍ تَغيَّرت أوصافُهُ أو بعضُها بنَجاسةٍ، فإنَّهُ يُعيدُ أبدًا. وكذلكَ عِندَ جُمهُورِ أصحابِ مالك: من تَعمَّدَ الصَّلاةَ بالثَّوبِ النَّجِسِ أبدًا.

ولم يختلف قولُ مالكٍ، وأصْحابِهِ فيمَنْ صلَّى بثَوْبٍ نَجِسٍ، أو على مَوْضِع نجِسٍ ساهيًا: أنَّهُ يُعيدُ صَلاتهُ ما دامَ في الوقتِ (٥).


(١) في الأصل: "يتبين".
(٢) في م: "بنجاستها".
(٣) انظر: المدونة ١/ ٣٤
(٤) هذه الفقرة لم ترد في الأصل، ولعلها سقطت منه، أو هي من زيادات بعض القراء كانت على الهامش فأدخلت في المتن، ومن ثم أبقيناها على الاحتمال.
(٥) مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٢٦١ (٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>