للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلفُوا فيمَنْ صلَّى عامِدًا على ثَوْبٍ نجِسٍ، فقال ابنُ القاسم: يُعيدُ أبدًا. وقال أشْهَبُ: لا يُعيدُ إلّا في الوقتِ.

لأنَّ وُجُوبَ غَسْل النَّجاسةِ عِندَهُم بالسُّنَّةِ، لحديثِ أسماءَ (١). ومِثْلَهِ في غسلِ النَّجاسَةِ، لا (٢) لقولِ الله تباركَ وتعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: ٤] ليستدرِكَ فضل السُّنَّةِ في الوَقْتِ.

واختلف قولُهُم فيمَنْ تيمَّمَ على مَوْضِع نجِسٍ، فقال أكثرُهُم: يُعيدُ في الوَقْتِ، وبعدهُ. لقول الله عزَّ وجلَّ: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: ٦] يعني طاهِرًا.

وقال بعضهُم: إلّا في الوَقْتِ. وهُو قولُ أشْهَبَ، قياسًا على من صلَّى بثَوبٍ نَجِسٍ، ليَسْتدرِكَ فضلَ السُّنَّةِ في الوَقْتِ، فإذا خرَجَ الوقتُ، لم يَسْتدرِكْ ذلكَ (٣).

ألا تَرى أنَّ إعادةَ الصَّلاةِ في جَماعةٍ، سُنَّةٌ لمن صلَّى وحدَهُ، فلو أنَّ رَجُلًا صلَّى وحدَهُ في الوَقْتِ، ثُمَّ وجَدَ جماعةً يُصلُّونَ تلك الصَّلاةَ بعد خُرُوج الوَقْتِ، لم يُؤمَر بالدُّخُول معهُم، ولو كانوا يجمعُونَ في وَقْتِ تلك الصَّلاةِ، وأُقيمَتْ عليه، لأُمِرَ بالدُّخُولِ معهُم، ليَسْتدرِكَ فضلَ السُّنَّةِ في الوَقْتِ، ولا يُومرُ بذلكَ بعد خُرُوج الوَقْتِ.

وقال الشّافِعيُّ وزُفَرُ، والطَّبَريُّ، وأحمدُ بن حنبل: يُعيدُ في الوَقْتِ وبَعدهُ، من تيمَّمَ على مَوْضِع نَجِسٍ، أو صلَّى عليه، أو بثَوْبٍ نَجِسٍ.


(١) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ١٠٦ (١٥٦).
(٢) هذا الحرف لم يرد في ض، م.
(٣) في ظا: "وأما طهارة الثوب فليس في ذلك نص آية محكمة، وإنما وجب ذلك عندهم من حديث أسماء ومثله، فقالوا بالإعادة".

<<  <  ج: ص:  >  >>