للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّجُلُ الرَّجُلَ لهُ البِئرُ، أوِ العينُ، أوِ النَّهرُ ليَشْربَ من مائهِ ذلكَ، وليَسْقي دابَّتهُ، وما أشْبَه هذا، فيمنعُهُ ذلكَ، فهذا هُو المنهيُّ عنهُ، لأنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يُمنَعُ فضلُ الماءِ".

وأمّا قولُ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُمنَعُ فَضْلُ الماءِ (١)، ليُمنَعَ به الكَلأُ". فمعنى ذلكَ، أن يأتي الرَّجُلُ بدابَّتِهِ، وماشيتِهِ إلى الرَّجُل لهُ البِئرُ، وفيها فَضْلٌ عن سَقْيِ ماشيتِهِ، فيَمْنعُهُ صاحِبُ البِئرِ السَّقيَ، يُريدُ بيعَ فَضْل مائهِ منهُ، فذلكَ الذي نُهيَ عنهُ من بَيْع فضل الماءِ، وعليه أن يمنَحَ غيرَهُ فَضْلَ مائهِ ليَسْقي ماشيتهُ، لأنَّ صاحِبَ الماشيةِ إذا مُنِعَ أن يَسْقي ماشيتهُ، لم يَقْدِر على المُقام ببلدٍ لا يَسْقي فيه ماشِيَتهُ، فيكونُ بَيْعه الماءَ الذي يملِكُ، منعًا للكلأ الذي لا يَمْلِكُ.

ودلَّتِ السُّنَّةُ، على أنَّ مالكَ الماءِ، أحقُّ بالتَّقدُّم في السَّقيِ من غيرِهِ، لأنَّهُ إنَّما (٢) أُمِرَ بأن لا يَمنَعَ الفَضْلَ، والفضلُ، هُو الفضلُ عن الكَفافِ والكِفايةِ.

ودلَّتِ السُّنَّةُ، على أنَّ المنعَ الذي ورَدَ في فَضْلِ الماءِ، هُو مَنع شِفاهِ النّاسِ، والمَواشيَ، أن يشربُوا فَضْلًا عن حاجةِ صاحِبِ المِلكِ من الماءِ، وأن ليسَ لصاحِبِ الماءِ مَنْعُهُم.

وأحاديثُ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلكَ مُتَّفِقةٌ تُفسِّرُها السُّنَّةُ المُجتَمعُ عليها، وإن كانتِ الأحاديثُ بألفاظٍ شَتَّى.

قال: وإذا كان هذا في ماءِ البِئرِ، كان فيما هُو أكَثرُ من ماءِ البِئرِ أوْلَى أن لا يُمنَعَ من الشَّفَةِ.


(١) "الماء" سقطت من الأصل.
(٢) هذه الكلمة سقطت من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>