للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضلَها، وإن مَنعُوهُ حلَّ لهم قِتالهم، فإن لم يَقْدِرِ المُسافِرُونَ على دَفْعِهِم، حتَّى ماتُوا عَطَشًا فموتاهُم (١) على عَواقِل المانِعينَ، والكفّارةُ عن كلِّ نَفْسٍ على كلِّ حالٍّ (٢) من أهلِ الماءِ (٣) المانِعينَ، مع وجيع الأدَبِ.

وكرِهَ مالكٌ بيعَ فَضْل ماءِ مِثل هذه الآبارِ، من غيرِ تحريم. قال: ولا بأسَ ببيع فضلِ ماءِ الزَّرع، من بِئرٍ، أو عينٍ، وبيع رِقابِهِما.

قال: ولا يُباعُ أصلُ بئرِ الماشيةِ، ولا ماؤُها، ولا فَضْلُهُ. يعني الآبار التي تُحفرُ في الفَلاةِ للماشيةِ والشِّفاهِ، قال: وأهلُها أحقُّ بريِّهِم، ثُمَّ النّاسُ سَواءٌ في فَضْلها، إلّا المارَّةَ والشَّفةَ، أوِ الدَّوابَّ، فإنَّهُم لا يُمنَعُونَ.

قال أبو عُمر: أمّا البِئرُ تنهارُ للرَّجُل، ولهُ عليها زرعٌ، أو نحوُهُ من النَّباتِ الذي يَهْلكُ بعدَم الماءِ الذي اعْتادهُ، ولا بُدَّ لهُ منهُ، وإلى جَنْبِهِ بئرٌ لجارهِ يُمكِنُهُ أن يَسْقي منها زَرْعهُ، فقد قال مالكٌ وأصحابُهُ: إنَّ صاحِبَ تلك البِئرِ يُجبَرُ على أن يَسْقي جارُهُ بفَضْلِ مائهِ زَرْعهُ الذي يخافُ هَلاكهُ، إذا لم يَكُن على صاحِبِ الماءِ فيه ضَررٌ بيِّنٌ.

وعلى هذا المعنى، تأوَّلَ مالكٌ قولهُ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُمنَعُ نَقْعُ بئرٍ". يعني: بئرَ الزَّرع.

واختلَفَ أصحابُهُ، هل يكونُ ذلكَ بثمَنٍ، أو بغيرِ ثمنٍ؟ فقال بعضُهُم: يُجبَرُ ويُعطَى الثَّمن. وقال بعضُهُم: يُجبَرُ ولا ثمَنَ لَهُ. وجَعلُوهُ كالشِّفاهِ من الآدَميِّينَ والمَواشِي.

فتدَبَّرَ ما أوردتُهُ عن الشّافِعيِّ، ومالكٍ، تقِفْ على المعنى الذي اخْتَلفا فيه من ذلكَ.


(١) في ظا، ض، م: "فدياتهم"، والمثبت أصح، لأن العاقلة هي الفدية.
(٢) في ظا، م: "رجل"، والمثبت من الأصل.
(٣) هذه اللفظة سقطت من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>