للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رَوَى وُهَيبُ (١) بن خالدٍ، عن عِسْلِ بن سُفيانَ، عن عَطاءٍ، عن أبي هُريرةَ قال: قال رسُولُ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا طَلَعتِ الثُّريّا صَباحًا، رُفِعتِ العاهَةُ عن أهلِ البَلدِ". وقد ذكَرْنا هذا الخَبَر، ومَضَى القولُ فيه، في بابِ حُمَيدٍ الطَّويل، والحمدُ للّه.

وطُلُوعُ الثُّريّا صباحًا، لاثْنَتي عَشْرةَ ليلةً تمضي من شَهْرِ أيّار، وهُو شهرُ مايُه.

وفي هذا الحديثِ، مع قولهِ - صلى الله عليه وسلم - في حديثِ حُميدٍ، عن أنَس: "أرأيتَ إن منَعَ الله الثَّمرةَ، فبِمَ يأخُذُ أحدُكُم مالَ أخيهِ؟ " (٢). دليلٌ واضِح على جَوازِ بيع الثِّمارِ كلِّها، قبل بُدُوِّ صَلاحِها على القَطْع في وَقْتها (٣)، لأنَّها إذا قُطِعت في الوَقْتِ، أُمِنت فيها العاهَةُ، ولم يَمْنع الله المُشتري شيئًا أرادَهُ.

ومن هذا: جَوازُ بيع القَصِيل (٤) وشِبْهِهِ على القَطْع، وهذا أمر لم يُختَلَف فيه.

قال مالكٌ: لا يجُوزُ بيعُ الثِّمارِ قبل بُدُوِّ صَلاحِها، إلّا على القَطْع (٥). وكذلكَ القَصِيلُ.

وهُو قولُ ابن أبي ليلَى، والثَّوريِّ، والأوْزاعيِّ، واللَّيثِ، والشّافِعيِّ (٦).

قال مالكٌ والشّافِعيُّ: فإذا اشْتَرَى الثَّمرةَ بعد بُدُوِّ صَلاحِها، فسَواءٌ شَرَطَ (٧) تَبْقيتها، أو لم يَشْترِط، البَيْعُ صحيحٌ.


(١) في الأصل: "وهب"، والمثبت من بقية النسخ، وينظر: تهذيب الكمال ٣١/ ١٦٤.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ١٤٠ (١٨٠٨).
(٣) في ض، م: "الوقت".
(٤) القَصِيلُ: ما اقتُصِلَ من الزرع أخضر. انظر: لسان العرب ١١/ ٥٥٨، واللفظة مستعملة إلى يوم الناس هذا عند الفلاحين بالعراق.
(٥) المدونة ٣/ ٦١.
(٦) ينظر: مختصر اختلاف العلماء ٣/ ١١٧ - ١١٨، وكذلك ما يأتي بعده.
(٧) في م: "اشترط"، والمثبت من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>