للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حنيفةَ وأصحابُهُ: يجُوزُ بيعُ الثِّمارِ قبل بُدُوِّ صلاحِها، وبغير بُدُوِّ الصَّلاح (١)، إذا لم يَشْترِطِ التَّبقيةَ، ولا القطعَ (٢)، ولكن باعَها وسكتَ، فإنِ اشْتَرطَ تَبْقيتها، بطَلَ (٣) العَقْدُ، سَواءٌ باعَها قبل بُدُوِّ الصَّلاح، أو بعدهُ.

وقال محمدُ بن الحَسَن: إذا تَناهى عِظَمُهُ، بشَرْط (٤) تَرْكه، جازَ اسْتِحسانًا.

قال أبو عُمر: جعلَ أبو حنيفةَ قَولهُ - صلى الله عليه وسلم -: "حتَّى تَنْجُو من العاهَةِ". ردًّا لقَوله: "حتَّى يبدُو صَلاحُها". فقال ما ذكَرْنا، واحتجَّ أيضًا بالنَّهيِ عن بَيعْ الغَررِ، وجعَلَ مالكٌ وجُمهُورُ الفُقهاءِ ذلكَ كلَّهُ معنًى واحِدًا، وحَملُوهُ على الأغْلَبِ في أنَّها تَسْلمُ حِينَئذٍ في الأغْلَبِ (٥)، واللّه أعلمُ.

والحُجَّةُ لمالكٍ والشّافِعيِّ، ومن قال بقولِهما، عُمُومُ قول الله عزَّ وجلَّ: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا (٦)} [البقرة: ٢٧٥] مع قولِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "حتَّى يَبْدُو صلاحُها". و"حتَّى" غايةٌ، ويَقْتضي هذا القولُ أَنَّه (٧) إذا بَدا صلاحُها، جازَ بيعُها جَوازًا مُطلقًا، سواءٌ شرطَ التَّبقيةَ، أو لم يشترِط، واللّه أعلمُ.

وقد سُئلَ عُثمانُ البتِّيُّ عن بيع الثَّمَرِ قبل أن يُزْهِي، فقال: لولا ما قالَ النّاسُ فيه، ما رأيتُ به بأسًا.


(١) في م: "قبل بدو الصلاح، وبعد بدو الصلاح"، وهو تحريف، والمثبت من الأصل.
(٢) في م: "والقطع".
(٣) في ض، م: "فسد".
(٤) في م: "فشرط"، خطأ، والمثبت من الأصل.
(٥) قوله: "في الأغلب" لم يرد في ظا.
(٦) قوله: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} لم يرد في الأصل، ض.
(٧) قوله: "أنه" سقط من ظا.

<<  <  ج: ص:  >  >>