للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسماعيلَ، قال: حدَّثنا الحُميديُّ، قال (١): حدَّثنا سُفيانُ، عن عَمرٍو، قال: سَمِعتُ سعيد بن الحُوَيرِثِ يقولُ: سَمِعتُ ابنُ عبّاسٍ يقولُ: كُنَّا عِندَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فخرَجَ من الغائطِ، فأتِيَ بطعام فقيلَ لهُ: ألا تَتَوضَّأُ؟ فقال: "ما أُصلِّي فأتوضَّأ".

وهذا يُبيِّنُ أنَّهُ كان - صلى الله عليه وسلم - لا يَتَوضَّأُ وُضُوءَ الصَّلاةِ، إلّا للصَّلاةِ، وأنَّهُ كان لا يتوضَّأُ كلَّما بالَ وُضُوءَ الصَّلاةِ.

وفي هذا الحديثِ أيضًا من الفِقه: أنَّ الإمامَ إذا دفَعَ بالحاجِّ، والنّاسُ مَعهُ، لا يُصلُّونَ المغرِبَ في تلك اللَّيلةِ، إلّا معَ العِشاءِ في وَقْتٍ واحِدٍ بالمُزْدلفةِ، وهذا أمرٌ مُجتَمَعٌ عليه لا خِلافَ فيه.

واختلَفَ العُلماءُ فيمَنْ لم يدفَعْ مع الإمام لعِلَّةٍ وعُذرٍ، ودفَعَ وحدهُ بعد دَفْع الإمام بالنّاسِ، هل لهُ أن يُصلِّي تلك الصَّلاتينِ في غيرِ (٢) المُزْدلفةِ أم لا (٣)؟

فقال مالكٌ: لا يُصلِّيهِما أحدٌ قبلَ جَمْع، إلّا من عُذرٍ، فإن صلّاهُما من عُذْرٍ، لم يجمَعْ بينهُما حتَّى يَغِيبَ الشَّفقُ.

وقال الثَّوريُّ: لا يُصلِّيهِما حتَّى يأتي جَمْعًا، ولهُ السَّعَةُ في ذلكَ إلى نِصفِ اللَّيل، فإن صَلّاهُما دُونَ جَمْع أعادَ.

وقال أبو حنيفةَ: إن صلّاهُما قبلَ أن يأتي المُزدلفةَ، فعليه الإعادةُ، وسَواءٌ صلّاهُما قبلَ مَغِيبِ الشَّفقِ، أو بعدَهُ، عليه أن يُعيدهُما، إذا أتَى المُزدلفةَ.


(١) في مسنده (٤٨٤). وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٤٩٤٩)، وأحمد في مسنده ٣/ ٤٠٦ (١٩٣٢)، ومسلم (٣٧٤) (١١٩)، والترمذي في الشمائل (١٨٧)، والبيهقي في الكبرى ١/ ٤٢، من طريق سفيان بن عيينة، به.
(٢) هذه الكلمة سقطت من م.
(٣) تفاصيل ذلك في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٣٦ - ٢٣٧ فمنه ينقل المصنف، وينظر: الاستذكار ٤/ ٣٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>