للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحُجَّةُ هؤُلاءِ كلِّهِم، قولُهُ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديثِ لأُسامةَ: "الصَّلاةُ أمامَكَ". يعني بالمُزدلفةِ.

واختُلِفَ عن أبي يُوسُف ومحمدٍ، فرُوِيَ عنهُما مِثلُ قولِ أبي حَنِيفةَ، ورُوِيَ عنهُما: لو صلّاهُما (١) بعَرَفاتٍ، أجْزَأهُ.

وعلى مَذْهبِ الشّافِعيّ: لا يَنْبغي أن يُصلِّيهُما قبلَ جَمْع، فإن فعلَ أجْزَأهُ. وبه قال أبو ثورٍ، وأحمدُ، وإسحاقُ.

ورُوِيَ ذلك عن عَطاءٍ، وعُروةَ، وسالم، والقاسم (٢)، وسعيدِ بن جُبَيرٍ.

ورُوِيَ عن جابرِ بن عبدِ الله، أنَّهُ قال: لا صَلاةَ إلّا بجَمْع (٣). ولا مُخالَفَ لهُ من الصَّحابةِ فيما عَلِمتُ.

قال أبو عُمر: قولُهُ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث: "الصَّلاةُ أمامَكَ". يدُلُّ على أنَّهُ لا يَجُوزُ لأحَدٍ أن يُصلِّيهُما إلّا هُناكَ.

وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "خُذُوا عنِّي مَناسِككُم" (٤). ولم يُصلِّهِما إلّا بالمُزدلفةِ، فإن كان لهُ عُذرٌ، فعَسَى الله أن يعذُرهُ، وأمّا من لا عُذَرَ لهُ، فواجِبٌ أن لا تُجزِئَهُ صلاتُهُ قبلَ ذلك المَوْضع على ظاهِرِ هذا الحديثِ.


(١) في ض، م: "إن صلى" بدل: "لو صلّاهُما".
(٢) هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٤٢٢٢)، والأزرقي في أخبار مكة ٢/ ١٩٦، والفاكهي في أخبار مكة ٥/ ٤٥، من طريق أبي الزبير، عن جابر.
(٤) أخرجه أحمد في مسنده ٢٢/ ٣١٢، ٤٦٠، و ٢٣/ ٢٨٦ (١٤٤١٩، ١٤٦١٨، ١٥٠٤١)، ومسلم (١٢٩٧)، وأبو داود (١٩٧٠)، والنسائي في المجتبى ٥/ ٢٧٠، وفي الكبرى ٤/ ١٨٠ (٤٠٥٤)، وابن خزيمة (٢٨٧٧)، وأبو يعلى (٢١٤٧)، وأبو عوانة (٣٥٥٨)، والطبراني في مسند الشاميين (٩٠٨)، والبيهقي في الكبرى ٥/ ١٣٠، من طريق أبي الزبير، عن جابر.
وانظر: المسند الجامع ٤/ ٦١ (٢٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>