للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أجازَ الجَمْعَ بينهُما قبلَ المُزدلفةِ، أو بَعْدها في غيرِها (١) فإنَّهُ ذهَبَ إلى أنَّهُ سَفرٌ، وللمُسافِرِ الجَمْعُ بين الصَّلاتينِ، على ما ذكَرْنا من أحْكامِهِما (٢) وأقْوالهِم في كَيْفيَّةِ الجمع بينهُما للمُسافِرِ، فيما سلَفَ من كِتابِنا هذا، ولهُ أن لا يجمَعَ بينهُما، لا يختلفُونَ في ذلك للمُسافِرِ بغيرِ عَرَفةَ والمُزدلفةِ.

قال مالكٌ: يجمَعُ الرَّجُلُ بين الظُّهرِ والعَصْرِ يومَ عَرَفةَ، إذا فاتَهُ ذلكَ مع الإمام (٣).

قال: وكذلكَ المغرِبُ والعشاءُ، يجمعُ أيضًا بَيْنهُما بالمُزْدلفةِ مَتَى فاتَهُ ذلك مع الإمام.

قال: وإنِ احتبسَ إنسانٌ دُونَ المُزْدلفةِ، لموضِع عُذرٍ، جمَعَ بينهُما أيضًا قبلَ أن يأتي المُزْدلفةَ، ولا يَجْمعُ بينهُما حتَّى يَغِيب الشَّفقُ (٤).

قال أبو حنيفةَ: لا يجمعُ بينهُما إلّا من صَلّاهُما مع الإمام. يعني: صَلاتي عَرَفةَ، وصلاتي المُزْدلفةِ.

قال: وأمّا من صلَّى وحدَهُ فلا يُصلِّي كلَّ صَلاةٍ منهُما إلّا لوقتِها. وكذلكَ قال الثَّوريُّ؛ قال: إن صلَّيتَ في رَحْلِكَ، فصلِّ كلَّ صَلاةٍ لوَقْتِها (٥).

وقال الشّافِعيُّ، وأبو يُوسُف، ومحمدٌ، وأحمدُ بن حَنْبل، وأبو ثورٍ، وإسحاقُ: جائزٌ أن يجمعَ بينهُما من المُسافِرينَ، من صلَّى مع الإمام، ومن صلَّى وحدَهُ، إذا كان مُسافِرًا (٦).


(١) في م: "غيرهما".
(٢) في م: "أحكامهم".
(٣) البيان والتحصيل ٣/ ٤٤٢.
(٤) انظر: الاستذكار ٤/ ٣٢٥.
(٥) المبسوط للسرخسي ٤/ ٥٣، وتحفة الملوك لزين الدين الرازي ١/ ١٦١.
(٦) المغني لابن قدامة ٣/ ٣٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>