للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعِلَّتُهُم في ذلكَ: أنَّ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إنَّما جمَعَ بينهُما من أجلِ السَّفرِ، فلكلِّ مُسافِرٍ الجَمْعُ بينهُما.

وكان عبدُ الله بن عُمر يجمعُ بينهُما وحدَهُ (١). وهُو قولُ عَطاء (٢).

وقد ذكَرْنا حُكم الجَمْع بين الصَّلاتينِ بالمُزدلفةِ، وحُكمَ الأذانِ بينهُما، والإقامَةِ، ومن أجازَ أن تُناخَ الإبِلُ، وغيرُ ذلك بينهُما، ومن لم يُجِز ذلكَ، وما للعُلماءِ في ذلكَ كلِّهِ من الأقوال، والاعْتِلالِ من جِهةِ الأثرِ، والنَّظرِ، في بابِ ابن شِهاب، عن سالم، من كِتابِنا هذا، فلذلك لم نذكُرهُ هاهُنا، وبالله توفيقُنا.

وفي هذا الحديثِ أيضًا دَلالةٌ واضِحةٌ، على أنَّ الجمَعَ في ذلك توقِيفٌ منهُ - صلى الله عليه وسلم -، ألا تَرى إلى قولهِ - صلى الله عليه وسلم - لأُسامَةَ (٣) حينَ قال لهُ: الصَّلاةُ يا رسُولَ الله، فقال لهُ: "الصَّلاةُ أمامَكَ". يُريدُ: مَوْضِعُ الصَّلاةِ أمامكَ، وهذا بيِّنٌ لا إشكالَ فيه، وهُو أمرٌ مُجتَمَعٌ عليه.

وفي هذا الحديثِ أيضًا دليلٌ على أنَّ من السُّنَّةِ لمن جمَعَ بين الصَّلاتينِ، أن لا يَتَنفَّل بينهُما.

روى (٤) سُفيانُ بن عُيَينةَ، عن ابن (٥) أبي نَجِيح، عن عِكْرِمةَ قال: اتَّخذهُ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مَبالًا (٦)، واتَّخذتُمُوهُ مُصلًّى. يعني الشِّعبَ (٧).


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٤٢٣٣). وعلقه عنه البخاري في صحيحه قبل رقم (١٦٦٢).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٤٢٣٦).
(٣) في م: "لأمامة"، وهو تحريف ظاهر.
(٤) من هنا، إلى قوله: "يعني الشعب" لم يرد في الأصل.
(٥) هذا الحرف سقط من ض، م. وهو عبد الله بن أبي نجيح، الثقفي، أبو يسار المكي. انظر: تهذيب الكمال ١٦/ ٢١٥.
(٦) هذه الكلمة سقطت من م.
(٧) أخرجه الفاكهي في أخبار مكة ٥/ ٤٥ (٢٨١١) من طريق سفيان بن عيينة، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>