للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالكٌ، والشّافِعيُّ، وأبو يُوسُف، ومحمدٌ: من عرضَ لهُ هذا، فقد فاتَهُ الحجُّ، ولا ينفعُهُ إحرامُ أصْحابِهِ عنهُ (١).

وناقَضَ مالكٌ أيضًا فقال: من أُغمِيَ عليه فلم يُحرِم، فلا حجَّ لهُ، ومن وقفَ بعرَفةَ مُغمًى عليه أجزأهُ (٢).

وقال بعضُ أصحابِنا: ليسَ بتَناقُضٍ، لأنَّ الإحرامَ لا يفُوتُ إلّا بفَوْتِ عَرَفةَ، وحَسْبُ المُغمَى عليه أن يُحرِمَ إذا أفاقَ قبلَ عَرَفةَ، فإذا أحرمَ، ثُمَّ أُغمِيَ عليه فوُقِفَ به (٣) مُغمًى عليه، أجزأهُ، من أجل أنَّهُ على إحْرامِهِ.

قال أبو عُمر: الذي يدخُلُ عَلينا في هذا، أنَّ الوُقُوفَ بعَرَفةَ فرضٌ، فيَسْتحيلُ أن يتأدَّى من غَيرِ قاصدٍ إلى أدائهِ، كالإحْرام سَواءً، وكسائرِ الفرائضِ لا تسقُطُ إلّا بالقَصدِ إلى أدائها بالنِّيَّةِ والعمل، هذا هُو الصَّحيحُ في هذا البابِ، والله المُوفِّقُ للصَّوابِ.

ووافقَ أبو حنيفةَ مالكًا، فيمَنْ شهِدَ عرفةَ مُغمًى عليه، ولم يُفِقْ (٤) حتَّى انصدَعَ الفجرُ.

وخالَفهُما الشّافِعيُّ، فلم يُجِز للمُغمَى عليه وُقُوفَهُ بعَرَفةَ، حتَّى يَصِحَّ ويفيق، عالمًا بذلكَ، قاصِدًا إليه. وبقولِ الشّافِعيِّ قال أحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وداودُ، وأكثرُ النّاسِ (٥).


(١) زاد هنا في م من ظا: "قالوا"، ولا معنى لها.
(٢) مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٦٠، والاستذكار ٤/ ٤٩.
(٣) "به" لم ترد في الأصل، ولا بُد منها.
(٤) في الأصل، م: "ينو"، والمثبت يعضده ما في الاستذكار ٤/ ٤٩.
(٥) مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٦٠، والمغني لابن قدامة ٣/ ٣٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>