للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسَنذكُرُ التَّلبيةَ وحُكْمَها، في بابِ نافِع، من كِتابِنا هذا، إن شاءَ الله.

وأصلُ الإهلالِ في اللُّغة: رفعُ الصَّوتِ، وكلُّ رافِع صوتَهُ، فهُو مُهِلٌّ، ومنهُ قيلَ للطِّفل إذا سقَطَ من بَطْنِ أُمِّهِ فصاح: قدِ استَهلَّ صارِخًا، والاسْتِهلالُ والإهلالُ سواءٌ، ومنهُ قولُ الله عزَّ وجلَّ: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٧٣] لأنَّ الذّابح منهُم كان إذا ذبَحَ لآلهةٍ سمّاها، ورفَعَ صوتهُ بذِكرِها، وقال النّابِغةُ (١):

أو دُرَّةٍ صَدفيَّةٍ غوّاصُها ... بهِجٌ متى يَرَها يُهِلَّ ويسجُدِ

يعني بإهلالهِ، رفعَهُ صوتهُ بالحَمدِ والدُّعاءِ إذا رآها.

وقال ابنُ أحمرَ (٢):

يُهِلُّ بالفرقَدِ رُكبانُها ... كما يُهِلُّ الرّاكِبُ المُعتمِرُ

واختلَفتِ الآثارُ في الموضِع الذي أحرمَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فيه لحَجَّتِهِ من أقْطارِ ذي الحُليفةِ.

ولا خِلافَ أنَّ ميقاتَ أهل المدينةِ ذُو الحُليفةِ.

وسنذكُرُ المواقِيتَ، وما للعُلماءِ في حُكمِها، من القولِ (٣) في بابِ نافِع إن شاءَ الله، من كِتابِنا هذا.

فقال قومٌ: أحرمَ من مَسجدِ ذي الحُليفةِ، بعد أن صلَّى فيه. وقال آخرُونَ: لم يُحرِم إلّا من بَعدِ أنِ اسْتَوتْ به راحِلتُهُ، بعد خُرُوجِهِ من المسجدِ. وقال آخرُونَ: إنَّما أحرمَ حينَ أظلَّ على البَيْداءِ، وأشرفَ عليها.

وقد أوضحَ ابنُ عبّاسٍ المعنى في اختِلافِهِم رضي الله عنهُ.


(١) انظر: لسان العرب ٢/ ٢١٦.
(٢) انظر: لسان العرب ١/ ٤٣١.
(٣) قوله: "من القول" سقط من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>