للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكَرَ ابنُ وَهْبٍ، قال: أخبرني مالكُ بن أنس (١)، عن عَلْقمةَ بن أبي عَلْقمةَ، عن أُمِّهِ، عن عائشةَ زَوْج النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّهُ بَلَغها: أنَّ أهلَ بَيْتٍ في دارِها عِندَهُم نَرْدٌ، فأرسلت إليهم لئنْ لم تُخرِجُوها، لأُخْرِجنَّكُم من دارِي. وأنْكَرَتْ ذلكَ عليهم.

قال أبو عُمر: اختلَفَ العُلماءُ في اللَّعِبِ بالنَّردِ والشَّطرَنْج (٢).

فكَرِه ذلكَ مالكٌ، على ما ذكَرْنا عنهُ، ولم يختلف أصحابُهُ في كَراهةِ اللَّعِبِ بها (٣).

وذكَرَ ابنُ وَهْبٍ كراهيةَ اللَّعِبِ بالنَّردِ، والشَّطرَنج عن ابن عُمرَ، وعائشةَ، وأبي موسى الأشعريِّ، والقاسم بن محمدٍ، وسَعيدِ بن المُسيِّبِ، وتُبيع (٤).

وأكثرُهُم فيما تدُلُّ ألفاظُ الآثارِ عنهُم، إنَّما كَرِهُوا المُقامَرةَ بها.

وقال الشّافِعيُّ: أكرَهُ اللَّعِب بالنَّردِ للخَبرِ، واللّاعِبُ بالشَّطرَنْج والحمام بغيرِ قِمارٍ، وإن كَرِهناهُ أيضًا، أخَفُّ حالًا (٥).

وقال أبو حَنِيفةَ وأصحابُهُ (٦): يُكرَهُ اللَّعِبُ بالشَّطرَنْج والنَّردِ، والأربعةَ عَشَر، وكلُّ اللَّهوِ. فإن لم يَظْهَر من اللّاعِبِ بها كبِيرةٌ، وكانت محَاسِنُهُ أكثرَ من مُساوِئهِ، قُبِلَتْ شهادتهُ عِندهُم.

وقولُ مالكٍ وأصحابِهِ مِثلُ ذلك، إلّا أنَّ مَذْهبهُم في شَهادتِه: أنَّهُ لا تجُوزُ شَهادةُ اللّاعِبِ بالنَّردِ، ولا شَهادةُ المُدمِنِ على لَعِبِ الشَّطرَنْج.


(١) أخرجه في الموطأ ٢/ ٥٤٨ (٢٧٥٣).
(٢) هذه الكلمة سقطت من ض، م، وينظر هذا الاختلاف في الإشراف لابن المنذر ٤/ ٢٨٣ - ٢٨٤.
(٣) البيان والتحصيل ١٣/ ٢٥٥.
(٤) في الأصل: "بليع". وهو تبيع بن عامر الحميري، أبو عبيدة الشامي الحمصي، ابن امرأة كعب الأحبار. انظر: تهذيب الكمال ٤/ ٣١٢.
(٥) انظر: الحاوي الكبير ١٧/ ١٨٧.
(٦) بدائع الصنائع ٥/ ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>