للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: حديثُ عُروةَ عن عائشةَ في هذا البابِ، من رِوايةِ هشام بن عُرْوةَ وابنِ شِهاب، عن عُروةَ، وإن كان إسنادًا ثابتًا، فإنَّهُ ناقِصٌ، سقَطَ منهُ ذكرُ طَلاق ابن الزَّبيرِ لتَمِيمةَ بنتِ وَهْب.

وقد شُبِّه به على قوم، منهُمُ: ابنُ عُليَّةَ، وداودُ، لما فيه من قوله: فاعتُرِضَ عنها، فجاءَت رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فذكرت زَوْجَها، وقالت: إنَّما معهُ مِثلُ هُدبةِ الثَّوبِ، فظنُّوا أنَّها أتَتْ شاكيةً من زوجها (١)، فلم يسألْهُ عن ذلك، ولا ضرَبَ لهُ أجَلًا، وخلّاها (٢) معهُ. قالوا: فلا يُضرَبُ للعِنِّينِ أجلٌ، ولا يُفرَّقُ بَيْنهُ وبين امرَأتِهِ، وهُو كعَرَضٍ (٣) من الأمراض، فخالَفُوا جُمهُورَ سلَفِ المُسلمينَ من الصَّحابةِ، والتّابِعينَ في تأجيل العِنِّينِ (٤) لما تَوهَّمُوهُ في حديثِ هذا البابِ، وليسَ فيه مَوْضِعُ شُبهةٍ؛ لأنَّ مالكًا وغيرَهُ قد ذكَرُوا طلاقَ عبدِ الرَّحمنِ بن الزَّبيرِ للمَرْأةِ، فكيفَ يُضرَبُ أجلٌ لمن قد فارَقَ امرأتهُ، وطلَّقَها قبلَ أن يَمسَّها!

حَدَّثَنِي قاسمُ بن محمدٍ، قال: حَدَّثَنَا خالدُ بن سعدٍ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بن فُطَيسٍ، قال: حَدَّثَنَا إبراهيمُ بن مَرْزُوقٍ، قال: حَدَّثَنَا بِشْرُ بن ثابتٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعبَةُ، قال: حَدَّثَنَا يحيى بنُ أبي إسحاقَ، قال: أخبرني أبي (٥)، قال: سمِعتُ سُليمانَ بن يَسارٍ يُحدِّثُ عن عائشةَ: أنَّ رجُلَا طلَّقَ امرأتهُ ثلاثًا، فتزوَّجها رجُلٌ، فطلَّقها قبلَ أن يَدْخُل بها، فأرادَ الأوَّلُ أن يَتَزوَّجها، فقال النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا حتَّى تذوقَ عُسَيلتَهُ".


(١) في الأصل، م: "بزوجها"، والمثبت من ظا.
(٢) في الأصل: "ولا خلاها"، والمثبت من ظا.
(٣) في م: "كمرض"، وهو تحريف، والمثبت من الأصل.
(٤) قوله: "في تأجيل العِنِّين" لم يرد في الأصل، وهو ثابت في ظا.
(٥) هكذا في النسخ، والمحفوظ أن يحيى بن أبي إسحاق الحضرمي البصري سمع سليمان بن يسار، وروايته عنه في سنن النسائي، كما في تهذيب الكمال ٣١/ ١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>