للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يُعتَرضُ على هذا الأصلِ في البِرِّ والحِنْثِ، بأنَّ (١) التَّحريمَ لا يصِحُّ في الرَّبِيبةِ بالعَقْدِ، حتَّى ينضمَّ إلى ذلكَ الدُّخُولُ بالأُمِّ، وهذا إجماعٌ، وإنَّما الخِلافُ في الأُمِّ، ولهذا نَظائرُ.

وقال الشّافِعيُّ: إذا أصابَها بنِكاح صَحيح، وغيَّبَ الحَشَفةَ في فَرْجِها، فقد ذاقا (٢) العُسَيلةَ، وسواءٌ في ذلكَ قويُّ النِّكاح وضَعِيفُهُ، وسواءٌ أدخلَهُ بيدِهِ، أو بيدِها، وكان ذلكَ من صبيٍّ، أو مُراهِقٍ، أو مجبُوبٍ بَقِيَ لهُ ما يُغَيِّبُ (٣)، كما يُغيِّبُ غيرُ الخصيِّ (٤).

قال: وإن أصابَ الذِّمِّيَّةَ، وقد طلَّقها مُسلمٌ أو زَوْجٌ ذِمِّيٌّ بنِكاح صحيح أحلَّها.

قال: ولو أصابَها الزَّوجُ مُحرِمَةً، أو صائمَةً، أحلَّها. وهذا كلُّهُ على ما وصَفَ الشّافِعيُّ، قولُ أبي حَنِيفةَ وأصحابِهِ، والثَّوريِّ، والأوزاعيِّ، والحسنِ بن حيٍّ، وقولُ بعض أصْحابِ مالكٍ.

وانفردَ الحَسَنُ البَصْريُّ بقوله: لا يُحِلُّ المُطلَّقةَ ثلاثًا إلّا وَطْءٌ يكونُ فيه إنْزالٌ (٥). وذلك معنَى ذَوْقِ العُسَيلةِ عِندهُ. ولا يُحِلُّها عندَهُ التِقاءُ الخِتانينِ. ولم يُتابِعْهُ على ذلكَ غيرُهُ.

وانفردَ سعيدُ بن المُسيِّب رحِمهُ الله من بينِ سائرِ أهل العِلم، بقوله: إنَّ من تزوَّجَ المُطلَّقةَ ثلاثًا، ثُمَّ طلَّقَها قبلَ أن يمسَّها، فقد حلَّت بذلكَ النِّكاح، وهذا العَقْدُ لا غيرُ، لزَوْجِها الأوَّل، على ظاهِرِ قولِ الله عزَّ وجلَّ: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠].


(١) في الأصل: "فإن"، والمثبت من ظا.
(٢) في ض، م: "ذاق".
(٣) في ظا، م: "يغيبه"، والمثبت من الأصل.
(٤) الأم ٥/ ٢٦٥، ومختصر المزني ٨/ ٣٠١، والحاوي الكبير ١٠/ ٣٢٨، وكذلك الذي يأتي بعده.
(٥) انظر: سنن سعيد بن منصور (٢٠٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>